كاتب كويتي
للأستاذة المحامية، والوزيرة الكويتية الحالية “ذكرى الرشيدي”، إنجاز نسائي خليجي لا يتذكره الكثيرون! فقد كانت أول امرأة تترافع أمام المحاكم السعودية، بين المحامين الذين “كانوا يستمعون ويشاهدون مرافعة امرأة محامية لأول مرة”. وقالت المحامية المعروفة للصحيفة: “نعم استطعت أن أحضر أمام المحاكم السعودية من خلال ثلاث جلسات متتالية، وبدأت في تقييد قضية أمام المحكمة الإدارية، الدائرة التجارية في ديوان المظالم ــ المحكمة التجارية، بالمنطقة الشرقية بالدمام، بصفتي موكلة عن إحدى الشركات الكويتية هناك”. ونوهت المحامية الكويتية بالمساعدات التي قدمها القاضي والموظفون بالمحكمة، وقالت: “بحسب علمي لا يوجد أي محامية في السعودية، ولم تحضر أي امرأة أمام المحاكم للمرافعة، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأت الجامعات بتخريج العنصر النسائي”. وأشارت إلى أنها تقوم بتدريب أول دفعة من خريجات كلية الحقوق في جدة، وقد تم إعطاؤهن محاضرات عن كيفية القيام بالمرافعة أمام المحاكم السعودية، وأوضحت لهن كيفية تكوين شخصية للمحامين وأهمية السمعة والمبدأ، وتم التطرق إلى الصعوبات التي تواجه المحامية”.
وقد بينت دراسة سعودية سنة 2011، أن ما يتعلق بقضايا المرأة عامة “تشكل قرابة 60 في المئة من مجمل القضايا المنظورة في السلك القضائي السعودي”. وتضمنت تلك الدراسة ضرورة مشاركة المرأة في مهنة المحاماة.
وأضاف الشيخ الدكتور صالح اللحيدان صاحب الدراسة، متحدثاً عن ضرورة أن تكون المرأة محامية، “في إطار اختصاصها الأنثوي السالك في دائرة قضايا المرأة الدقيقة”. وتحدثت الصحيفة السعودية التي نشرت الدراسة عن “فوبيا الاختلاط”، التي تشل حركة المحاسبات السعوديات. وقالت كاتبة التقرير الصحفي من الدمام “إيمان الخطاف”، إن سيدة الأعمال السعودية وفاء النعيمي حاولت منذ عام تحويل مكتبها المجاور في مدينة “الخُبر” إلى مكتب محاسبي نسائي. وأضاف التقرير أنه على الرغم من كون النعيمي درست محاسبة في جامعة الملك فيصل ولديها خبرة جيدة بهذا المجال، فإن ما وصفته بصرامة الاشتراطات، ما زالت تقف حجر عثرة أمام طموحاتها”. وتؤكد الموظفة “جواهر الدوسري” التي تعمل محاسبة في الحرس الوطني في المنطقة الشرقية، أنها رغم دراستها الجامعية وتفوقها المهني، فإن حلم وصولها إلى مناصب عليا، كمدير مالي مثلاً، أشبه بـ”المستحيل”. وهو ما ترجعه الدوسري لـ”متطلبات هذا المسمى الوظيفي من اختلاط بالرجال، الأمر الذي يجعل المحاسب الرجل هو الخيار الأمثل في أعين الشركات”. وهكذا ورغم توفر فرص العمل للمحاسبة اليوم، “إلا أن واقع المرأة المحاسبة فيها هو محلك سر، بالنظر إلى ثقافة المجتمع، ومع ما تفرضه الأنظمة من أن المرأة السعودية لا يحق لها العمل في مكان واحد مع الرجل، وإنما لابد من أن تعمل النساء في مكان منعزل تماماً عن الرجل”. وترى “مها العجلان” العاملة في مجال المحاسبة بجامعة الدمام أن الكثيرين ينظرون إلى المحاسبة باعتبارها “مهنة ذكورية”، بينما يشيد د. صالح الشنيفي، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحاسبة والأكاديمي في جامعة الملك سعود، بإمكانيات المرأة السعودية في هذا المجال ويقول: “من خلال تدريسنا بالجامعة تجد أن الطالبة السعودية التزامها كبير وجهودها كبيرة وقد تتفوق على الطالب”. وتظهر دراسة حول عمل السعوديات في هذا المجال “أنه لا يمكن للمحاسبة السعودية إنجاز العمل الموكل لها من دون القدوم إلى المكتب، وأن العوامل الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالبيئة السعودية تقف عائقاً أمام قيام خريجات أقسام المحاسبة بالعمل في مكاتب المحاسبة، كما أن مكاتب المحاسبة ليست لديها المقدرة على تحمل العبء المادي لتوفير المكان الملائم لاستقبال الخريجات”. والأسوأ من هذا، أن غالبية أفراد الدراسة يرون أن مكاتب وشركات المحاسبة ليست لديها الرغبة في إحلال المحاسبات السعوديات بدلاً من المحاسبين أو الموظفين غير السعوديين”.
ودار جدل حول ملابس النساء العاملات في مجالات البيع، واقترح البعض أن تستبدل العباية بالبالطو أو عباية أخرى ذات تصميم لا يعوق الحركة. وكانت غرفة تجارة جدة قد بينت معوقات تأنيث محلات الملابس الجاهزة والأقمشة النسائية، وذكرت منها سن توظيف الفتيات في المراكز التجارية بـ25 سنة، وضرورة إغلاق المولات قبل 11 مساء، وضرورة “إيجاد برامج تدريبية للبائعات قبل التعيين ومقابلة الجمهور”. وذكرت الصحف أن العشرات من النساء السعوديات حسمن هذا الجدل بالانخراط في الأعمال داخل الأسواق والمجمعات، محققات نجاحات واسعة على الرغم من كل الصعوبات. من المشاكل التي تذكرها البائعات “الغيرة ومعارضة الأسر ومضايقات بعض الشباب أو ملاحظات بعض الجهات الرسمية”. وتقول صاحبة إحدى المحلات: “إن عمل المرأة الحر في مجال التجارة يعد أفضل بكثير من ارتباطها بوظيفة معينة”.
وكشفت صاحبة أحد محلات التحف عن تطور جديد في المجتمع السعودي، وقالت إن “سبب عدم نجاح المجمعات النسائية المغلقة أن طبيعة الأزواج والزوجات اختلفت في الوقت الحالي، كونهم أصبحوا يتشاركون الرأي في شراء أغراضهم الشخصية. وبات من الصعب على المرأة ترك زوجها أو شقيقها في السيارة لتتسوق هي داخل مجمع نسائي مغلق يمنع دخول الرجال”. وكانت وزارة العمل السعودية قد أشارت إلى وجود نحو 200 ألف عاملة في السعودية، وقال نائب الوزير إن 78 في المئة من العاطلات عن العمل يحملن درجة البكالوريوس، مشيراً إلى وجود فرص كثيرة للتوظيف منها الترجمة والقانون والمحاماة ومراكز التدريب النسائية والاستشارية وبيع وصناعة المستلزمات النسائية. وقال إنه “حسب إحصاءات المنشآت الخاصة فقد تم إلحاق 454 ألف عاملة في 2008 في القطاع الحكومي والخاص، 84 في المئة منهن في القطاع الحكومي”.
وكانت السعودية قد ألزمت رسمياً عام 2011 جميع محال بيع المستلزمات النسائية – الملابس الداخلية وأدوات التجميل – بتشغيل النساء السعوديات، وإحلالهن مكان العمالة الوافدة، وتوعدت وزارة العمل غير الملتزمين بتطبيق القرار بوقف خدماتها عن تلك المنشآت، على أن يشمل القرار توظيف السعوديات وبناتهن من آباء غير سعوديين.
ومن قضايا عمل المرأة السعودية التي أثارت جدلاً عريضاً، تحريم قيامهن بوظيفة “الكاشير” أو المحاسبة في المحلات التجارية، بموجب فتوى وقع عليها سبعة من أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء. بينهم الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ والشيخ صالح الفوزان.
وقد سأل المفتي سؤالاً نصه: “قام الكثير من الشركات والمحلات بتوظيف النساء بوظائف كاشيرات (محاسبات) تحاسب الرجال والنساء، تقابل في اليوم الواحد العشرات من الرجال وتحادثهم وتسلم وتستلم منهم، وكذلك ستحتاج إلى التدريب والاجتماع والتعامل مع زملائها في العمل ورئيسها. ما حكم عمل المرأة في مثل هذه الأعمال”؟ وكان جواب اللجنة “لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال. وما ذكر في السؤال يعرضها للفتنة ويفتن بها الرجال فهو عمل محرم شرعاً”.
وقد وقعت الشركات التي كانت قد بادرت بتوظيف السعوديات في مهنة “الكاشير”، بناء على سماح وزارة العمل بتوظيف السيدات بهذا النوع من الأعمال، في حيرة من أمرها بين الإبقاء عليهن أو تسريحهن بعد هذه الفتوى. وقد أثار توظيف المرأة السعودية في هذا المجال كما ذكرنا، جدلاً كبيراً، وبخاصة بعد أن شرعت ثلاث شركات كبرى متخصصة في بيع المواد الغذائية في توظيف الفتيات على منافذ البيع، تبعها تحريم الشيخ محمد الهبدان لهذا الأمر في فتوى نشرت عبر مواقع إلكترونية. وكانت شركة كبرى قد سمحت للفتيات بالتقدم لهذه الوظيفة في مختلف فروعها الستين للعمل كمحاسبات للتجرية لحين تثبيت عقودهن برواتب تصل إلى 3000 ريال مضاف إليها بدل المواصلات والتأمين الطبي. وسنرى في مقالات لاحقة مسارات تطور القضية!
المصدر: صحيفة الاتحاد