كاتب و رجل أعمال سعودي
مئة وعشرون مليار ريال قيمة 5700 عقار منزوعة ملكيتها لتوسعة ساحات الحرم الشريف تبحث عن استثمارات جديدة. لم يتوقع بعض أصحاب المباني والأراضي والأحواش فوق الجبال وحولها وفي السهول أنهم سيصبحون في يوم من الأيام من حملة الملايين؛ ولم يتعلم الكثير منهم كيف وأين ومتى يستثمر الأموال العائدة عليه نتيجة تعويضه لنزع ملكيته، ولم يعلم آلاف المستفيدين من أوقاف مكة المكرمة أن إيرادهم سيتضاعف آلاف المرات نتيجة استبدال أوقافهم القديمة بأوقاف جديدة ذات مدخول متطور، ولم يتوقع القائمون على الأوقاف بأنهم سيواجهون تعويضات أوقاف مقدارها ستون مليار ريال من إجمالي حجم التعويضات التي تم نزع ملكيتها لمصلحة المشاريع التطويرية الحكومية والخاصة في الأعوام الثلاثة الماضية، أي ما يقارب نصف التعويضات بمكة المكرمة للعقارات الوقف سواء التي عرف أهلها أو لم يعرف، حيث يقال إن هناك نحو 100 عقار تم نزع ملكيتها ولم يعرف أصحابها، وبلغت قيمة المتر في الحد الأعلى بجوار الحرم ستمئة ألف ريال، وفي المرتبة الثانية سعر المتر خمسمئة وخمسون ألف ريال، والمرتبة الثالثة أربعمئة وخمسون ألف ريال، وكان أقل سعر تعويضي دُفع في العقارات المنزوعة في مكة المكرمة ستة آلاف ريال للمتر لمنزل في أعلى جبل في منطقة الحجون. ورغم أن 50% من التعويضات للأوقاف ممثلة في عقارات موقوفة على عوائل أو أفراد منذ أكثر من مائة عام، يعيشون على إيرادها أو هي سكنى وملجأ لبعض من الموقوف عليهم منذ سنوات طويلة، ويفترض أن يكونوا هم الأولى بالإسراع في صرف قيمة أوقافهم أو إيجاد البديل لها حسب الميزانية المتوافرة من التعويض، إلا أنهم وللأسف هم الأكثر تضررا، إذ إن توافر البديل بنفس قيمة التعويض يعد أمرا صعبا وغير متوافر أحيانا، فتظل قيمة الأوقاف مجمدة في مؤسسة النقد لحساب الأوقاف أو في حساب آخر لدى أملاك الأوقاف.
وكم من أوقاف حتى الآن لم تستطع توفير البديل، وقد مر على تعويضها سنوات، وما زال المستفيدون متضررين، حيث فقدوا إيرادهم السنوي أو فقدوا سكناهم ولم يعوضوا نتيجة الإجراءات الصعبة لتعويضات الأوقاف.
ولو جاز لي الاقتراح، فإنني أقترح أن تستمر الدولة في الصرف للمستحقين من الأوقاف بضعف إيرادهم القديم سنويا حتى يتم الانتهاء من إجراءات البحث عن بديل للعقار المنزوع، على أن تحسم القيمة المصروفة لهم من قيمة الوقف المعوض.
ولو جاز لي الاقتراح لاقترحت إنشاء شركة إنشاء وإدارة وتشغيل الأوقاف؛ لنضمن المزيد من الأوقاف ونحفز رجال الأعمال والأثرياء من أهل الخير على المزيد من الأوقاف، حيث توقف العديد من أهل الخير عن وقف عقاراتهم أو ممتلكاتهم لصعوبة التعامل مع إجراءاتها، وأصبحت الأوقاف تحت رحمة النظار وقدرتهم على تطوير الأوقاف.
أما التعويضات عن الملكيات الخاصة ـ التي تقدر بنحو ستين بليون ريال ـ فهي تعويضات تبحث عن فرص الاستثمار الآمنة التي تستوعب هذه البلايين، ويقع بعض أصحابها فريسة بعض النصابين ممن لا يخافون الله، فيقعون في استثمارات خاسرة وفاشلة، ويتجه البعض إلى اجتهادات خاطئة في اختيار بعض الأعمال التي لا خبرة لهم فيها، ويتجه الآخرون إلى وضعها في البنوك مقابل فوائد بسيطة لا تسهم في تغطية مصاريفهم السنوية. وتفقد الأموال المودعة في البنوك قيمتها وقوتها الاقتصادية على مر السنين.
وفي ظل غياب المشاريع الاقتصادية الآمنة، وفي ظل غياب الفرص الجاذبة لا يستفيد الاقتصاد من هذه الأموال المودعة، ولهذا فإنني أوجه نصيحتي لأصحاب التعويضات العقارية بعدم التسرع في الاستثمار ودراسته جيدا، وما خاب من استشار، وعليهم عدم الدخول في مشاريع دون دراسة متأنية، كما أشير إلى أن الاستثمار في العقار في مكة المكرمة والمدينة المنورة له فوائده وعوائده المتعددة، حتى وإن كانت عوائده متدنية لكنها مباركة إن شاء الله، وقيمة الأصل فيها متضاعفة بإذن الله، والاستثمار في المشاريع العقارية والمطورة في مكة المكرمة وفي غيرها من قبل مطورين معتمدين أيضا إحدى الفرص المضمونة، وكذلك الاستثمار في سلات استثمارية متعددة، مما يسهم في خفض المخاطر.
نعم، إنها بلايين تبحث عن فرص استثمارية في يد بعض أشخاص تنقصهم الخبرة والمهنية في الاستثمار.
المصدر: الوطن أون لاين