كاتب وصحفي سعودي
يشير اختصاصي الأعصاب، دانيال ليفيتين، إلى أن الدراسات أثبتت أن الوصول إلى الخبرة والتميز عالميا يتطلب عشرة آلاف ساعة من المران والتدريب. فقد أظهرت الاختبارات، التي خضع لها أشهر النجوم في الرياضة والأدب والفنون أن المخ يأخذ هذا الوقت من أجل أن يستوعب كل ما يحتاج أن يعرفه كي يحقق التمكن الحقيقي.
لقد خصص المؤلف، مالكوم جلادويل، فصلا كاملا في كتابه Outliers (تتوفر نسخة مترجمة منه إلى العربية بعنوان: المميزون) عن قاعدة العشرة آلاف ساعة، التي تُنضج الموهبة وتجعلها جاهزة للالتهام والإلهام.
يعتقد الكثير أن الموهبة وحدها تكفي لأن ننجح. فالحقيقة تختلف تماما عن هذا التصور والانطباع السطحي. فموهبة بلا مران وإعداد واستعداد لا تكفي للوصول إلى الحد الأدنى من النجاح.
دعونا نضرب مثالا ببيل جيتس، المبرمج الأمريكي الشهير وأحد أثرياء العالم. تشير سجلات شركة “آي إس آي”، إلى أن جيتس قضى خلال سبعة أشهر فقط عام 1971 نحو 1575 ساعة من الوقت أمام جهاز حاسبها الرئيس، بمعدل ثماني ساعات في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع. لاحظوا ما أنفقه جيتس أمام هذا الجهاز في سبعة أشهر فقط للتدرب على البرمجة، فماذا عن بقية حياته؟ إنه قطعا صرف أكثر من عشرة آلاف ساعة في سبيل تطوير قدراته. لقد أخذه الشغف إلى أقصى مدى. سلبه من كل هواياته ورغباته واهتماماته الأخرى. كرّس له جل وقته ومنحه بدوره هذا الثراء والتأثير في العالم. دفع هؤلاء الأفذاذ أكثر من عشرة آلاف ساعة من أعمارهم، لكن دفعت لهم هي الأخرى قيمتها نجاحا واسما وصدى يتردد في كل الأرجاء.
مشكلة الكثير منا يريدون أن يحققوا النجاح دون أن يدفعوا ثمنه، الأشياء الثمينة قد تأتي إليك، لكن تمر ولا تستقر، عليك أن تخطب ودها حتى ترافقك وتصبح ملكك.
يقول الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله، إنه كان يقضي نحو سبع ساعات يوميا دون انقطاع مسافرا بين القراءة والكتابة. لم يكتف شيخنا بما حباه الله من بلاغة وفصاحة وذاكرة، عززها بالتدريب والتمرين والعمل، فأصبح صوته طازجا دائما في رؤوسنا وقلمه آسرا دائما في أبصارنا.
عندما تحب شيئا أخلص له، ثق أنه سيخلص لك وسيسعدك.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/08/24/article_879641.html