كاتب وصحفي سعودي
تعرضت لموقف عصيب. ضاعت عليّ أغراض ثمينة للغاية. قلبت المنزل رأسا على عقب؛ للبحث عنها دون جدوى. ظللت على مدى يومين في حالة نفسية سيئة لا يعلم بها إلا الله. أحاول أن أعمل فلا أستطيع. أحاول أن آكل فلا أستطيع. ليس لي مزاج لأقوم بأي شيء. كلما هممت بالقيام بعمل تذكرت ما ضاع مني وفقدت شهيتي.
لمت نفسي طويلا بسبب عدم عنايتي بأغراضي كما ينبغي. وبخت نفسي أكثر من مرة. عشت أياما حالكة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. لا يوجد فيها نور أو أمل. ظلام دامس يكتنف حياتي منذ أن أصبح حتى أمسي. قبعت داخل كابوس طويل لم أقدر أن أخرج أو أفر منه.
بعد عدة أيام مظلمة، عقدت مع نفسي مؤتمر مصارحة استذكرت فيه كل الأشياء الجميلة التي ما زلت أمتلكها ولم أضيعها بعد. دعوت نفسي أن أتمتع بها ومعها وأسعد بالقرب منها، وأسأل الله أن يعوضني خيرا مما ضاع مني.
لم يكن الأمر هينا. لقد كنت كمن يتجرع دواء مرا. يبقى طعمه يرافقك في حلقك لفترة طويلة. لكن لا يوجد أمامي خيارات عديدة. أمامي فقط أن أظل مسجونا خلف قضبان حزني، أو أخرج كي أجلب أشياء مثل التي فقدتها أو أفضل منها.
استعدت عافيتي تدريجيا وشرعت في حصر الأشياء الجميلة التي ما زالت في حوزتي. وجدت أنني ما زلت أملك الأغلى. أغلى بكثير. العائلة والأصدقاء الذين لا يقدرون بثمن. لقد غمروني بمواساتهم واهتمامهم وتعاطفهم.
استأنفت حياتي وعدت للقيام بمهامي الروتينية. بدأت أبدي اهتماما أقل بالأشياء المادية التي كانت تسيطر علي، ليس بسبب زهدي فيها، وإنما لأنها تذكرني بحجم خسارتي.
أحسست بأنني أصبحت أفضل قليلا. رزقني الله نسيانا جميلا أعاد إلى جوفي السكون بعد أن اصطخب من جراء الفقد الممض.
بعد أن عدت إلى حياتي بإقبال وحماسة اتصلت علي والدتي مبشرة بأنها عثرت على ما فقدت. بدا الأمر كأنه مكافأة ربانية على عدم رضوخي للألم والحزن. بكيت من شدة فرحتي.
يوما بعد يوم أكتشف أننا نحن من نضاعف الحزن عندما نذعن له، وأننا من ندفنه عندما نقاومه ونقاتله. من قال إن المسألة سهلة، لكن أيضا ليست بالصعوبة التي قد نتخيلها.
المصدر: الإقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/09/11/article_885664.html