كاتب سعودي
تناقلت الصحف السعودية يوم الاثنين 7 سبتمبر الحالي مقال مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الأمير صاحب الكاريزما الشعبية والرسمية التي لها الكثير من الحضور في وجدان المواطن السعودي العادي والمثقف على حد سواء.
ما يميز خطاب الأمير في هذا المقال هو إدراكه لأهمية المرحلة وحاجتها لخطاب شفاف وواضح وصريح يجيب على كثير من الأسئلة الضرورية والملحة التي تنتظر إجابات تبتعد عن اللغة الدبلوماسية ولعبة المجازات، لذا أتى خطاب سموه كمسؤول يدرك أهمية وضع النقاط على الحروف، رغم أنه الشاعر الفذ الذي يستطيع أن يجعل المجاز يقول ولا يفصح، لكنه اختار أن يكون خطابه ليس للنخب وقراء ما وراء السطور، بل خطابا عاما موجها للمواطن والمسؤول، فالمقال بدءا من العنوان (لا تتباكوا.. حولوا المشكلة إلى حل) بدأ يفرك الجُرح جيدا، فسمو الأمير وجّه الخطاب إلى الجميع، وهذا توجه الدولة الذي اختزله سموه بهذا العنوان، أي إن المسؤول – أيا كانت مسؤوليته – مطلوب منه أن يحل المشكلة وليس أن ينتظر حلولا من الحكومة يقوم بتنفيذها، ولعل المثال الذي طرحه سموه في سعر النفط هو خير مثال، فالجميع من محللين اقتصاديين واستراتيجيين وماليين وغيرهم متفقون على وجود مشكلة، لكن لم يطرح أحد منهم حلولا واكتفوا بالتباكي – كما وصفه سموه – وكادوا أن يقنعوا المواطن بأن الأمر انتهى وعليه أن ينتظر الأسوأ ويستعد لحقبة ما قبل النفط!
سموه ذكر عددا من الدول كسويسرا وهولندا وسنغافورة.. دول تطورت وارتقت وتجاوزت الكثير من الدول النفطية بـ»العقل» فقط، ولعلني هنا ألتقط فكرة سمو الأمير وأطالب بمركز بحوث ودراسات وطني تكون مهمته رسم ودراسة الأفكار، ويكون تفكيره أن يخطط لمستقبل المملكة بدون النفط، أي أن يكون السؤال الكبير (ماذا نعمل الآن؟) ونتخيل أن هذا السؤال نردده ونحن ننظر لآخر ناقلة نفط سعودية تغادر الميناء بلا عودة. أجزم أن هذا الخيال مقلق، بل مرعب، لكن أن نتهيأ له من الآن أفضل بكثير من أن ننتظر حتى يكون هذا الخيال حقيقة، ووقتها لن نكون قادرين على الإجابة على السؤال بشكل منطقي وموضوعي، فوقتها يكون التفكير في الإجابة قد انتهى وقته، وهذا المقترح ربما من الحلول العاجلة، لكنه بالتأكيد ليس الحل الوحيد، فكما قال سموه (لا تتباكوا على انخفاض أسعار النفط.. ولا تتشاكوا من عجز قط)، نعم انخفاض أسعار النفط مشكلة، لكنها جديرة بالشكر، ألا يكفي أنها نبهتنا إلى ما هو أهم (المعرفة واستثمار الإنسان)، فالنفط حتى لو كان ثروة خالدة لا تنضب، فإنه يبقى مجرد مادة من المحتمل أن يستغني عنها العالم، لكن يبقى الإنسان هو صانع الثروات والأوطان.
سمو الأمير.. لقد أسمعت عندما ناديت الأحياء.. ونحن أبناء وطن لا يموت.
المصدر: صحيفة مكة