خورشيد حرفوش
تذهب دراسة علمية أميركية منشورة إلى أن حوالي 50% من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10ـ 18 عاماً من الجنسين، يعانون عادة «قضم الأظافر»، وأن هذه العادة تبدأ لديهم غالباً مع بدء التغيرات التي يمر بها المراهقون عند مرحلة البلوغ، فيما يعاني منها حوالي 23% من البالغين، وحوالي 10% من الذين تجاوزت أعمارهم 30 عاماً. ولوحظ أن هذه العادة موجودة عند الذكور أكثر من الإناث، كيف نفسر هذه الظاهرة السلوكية السلبية؟
مؤشرات الدراسة تذهب إلى أن هذه العادة موجودة عند الذكور أكثر من الإناث، لأن الفتيات بطبيعتهن الأنثوية يعتنين بأظافرهن لمتطلبات المظهر والأناقة. وأن معظم الآباء والأمهات يبدين انزعاجهم من عدم استجابة أطفالهن للكف عن هذه العادة.
فإن كان ذلك مبرراً مع الأطفال، فكيف نفسر استمرار عادة قضم الأظافر مع كثير من الكبار الذين لا يكفون عن قضم أظافرهم، بل وتشويه أصابعهم بصورة لا إرادية وقهرية؟ هل هي ظاهرة مرضية تعكس اضطرابات أو متاعب نفسية غير ظاهرة؟ أم أنها مجرد عادة غير محببة أو مقبولة؟ ولماذا يحتاج الكف عنها جهداً مضنياً؟
هل يعد مثل هذا السلوك نوعاً من الاضطرابات والمتاعب النفسية أو العصبية؟
هناك من يعتبر عادة قضم الأظافر إلى واحدة من «المتلازمات العصبية» التي تعبر عن التوتر والقلق والعصبية وغيرها من المشاعر السلبية، مثل عادة مص الأصابع، أو حك الأنف أو الذقن، أو نزع الشعر، أو حك منطقة من الجلد، أو إصدار أصوات اصطكاك الأسنان، أو عض الشفاة السفلى، أو «طرقعة» الأصابع بشكل مبالغ فيه أو غير ذلك من لزمات يقوم بها أصحابها دون شعور أو تفكير.
تفسير
الدكتور هاني سليم، أخصائي الطب النفسي، يوضح أن هذه العادة أو المتلازمة من السلوك «غير المقبول» أو غير المستحب، تحدث بشكل لا إرادي، وقهري في لحظات تتسم بالشرود وعدم التركيز، أو في أوقات الانشغال بشيء ما، كما تحدث خلال مشاهدة الطفل أو الكبير للتلفاز، أو عند التركيز والتفكير في شيء معين، ولا ينتبه الشخص إلى أنه يشوه أصابعه حتى يصل إلى أجزاء من لحم الإصبع، وإن نبهه أحد ممن حوله سرعان ما يكف عن ذلك، لكن سرعان ما يعود، وإن مُنع، فإنه لا يشعر بالراحة. ومن المؤكد أن عملية قضم الأظافر ما هي إلا تفريغ لشحنة عالية من الإحساس بالقلق والتوتر العصبي، وعادة ما يستمر ذلك دون مبرر، ويصبح سلوكاً أو «متلازمة» عصبية تصدر من الطفل أو المراهق أو حتى الشخص الناضج بشكل لا إرادي، وقد لا يدرك أضرارها إلا بعد وقت طويل».
ويضيف: «غالباً ما يكون الأطفال الذين يبدر عنهم مثل هذا السلوك يعانون ضغوطاً نفسية غير مرئية أو مفهومة، أو غير مبررة بالنسبة لهم، أو يعانون مشاكل أو مخاوف وضغوطاً أو اضطرابات سلوكية، أو عدم توافق في البيت أو الحضانة أو المدرسة، أو عند التعرض للإساءة أو القسوة والعنف، أو عند التعرض لخبرات حياتية مؤلمة كسوء المعاملة الوالدية أو المدرسية، مما يسبب حالة من التوتر العصبي، والقلق، والشعور بالملل. وأحياناً يكون ذلك مع بداية ظهور ونمو الأسنان، وارتباط هذه العادة بعادة مص الإصبع، لكن في الغالب ما يؤدي ذلك إلى تشوه الأصابع نتيجة الاستمرار في قضم الأظافر دون قيود ووعي، وما حولها من الجلد الزائد مما يسبب احمرار الأصابع وتورمها، وقد يصل الأمر إلى نزيف الدم من الجلد المحيط بالأظافر، ويصبح الجرح عرضة للالتهابات، كما يسهل نمو البكتيريا والفيروسات وانتقالها من الأصابع إلى الفم مما يزيد من فرص التقاط الأمراض المعدية. هذا بالإضافة إلى ما تسببه هذه العادة من عدم شعور الشخص بالارتياح باعتبارها عادة غير مستحبة وتبعث على الخجل ولوم الذات أحياناً، ومن ثم تضاعف من إحساسه بالقلق والتوتر».
العلاج
ويشير، إلى العلاج المناسب في هذه الحالة، ويقول: «يفترض أن يُلم الآباء والأمهات بأي متاعب يعاني منها الطفل، والكف عن لغة العنف والتخويف والتهديد، وتفهم حاجاته، وبناء لغة من الحوار والتفاهم معه، والتعرف على أسباب قلقه. ومحاولة تبصيره بأن مص الإصبع أو قضم الأظافر عادة غير مستحبة ويجب أن يتخلى عنها، وأن يساعداه على أن يكون مستعداً تماماً للتخلص من هذه العادة، وأن تحرص الأم على تقليم أظافره بانتظام حتى لا يكون هناك ما يقضمه، مع ملاحظته ومحاولة إشغاله وتشتيت انتباهه بمشاركته في اللعب لفترات طويلة، وتنبيهه عند اللزوم، ومساعدته نحو تعديل مشاعره تجاه نفسه، وأن تغمره بالحب والحنان، ومنحه التشجيع للتعبير عن مشاعره وأفكاره دون قلق، ومساعدته على القيام بأي هواية يحبها لتمتص توتره بدلاً من لجوئه إلى تفريغه عن طريق قضم أظافره، وأن يفهم سوء هذه العادة وأثرها على صحته وتشويه شكل يديه، ووجهيه إلى قبحها بكلمات مشجعة تبث الثقة في نفسه، ودون عقاب. كما يمكن دهان الأصابع بدواء مر، أو أن يرتدي قفازاً لفترات محددة، مع إثابته ومكافأته إن نجح في السيطرة على ذاته لساعات أو أيام معينة، وتحفيزه على الاستمرار حتى ينسى هذه العادة».
المصدر: الحياة