في ظل تصاعد العلاقة ما بين دولة قطر وإيران للدرجة التي صرح فيها أمير هذا البلد العربي الخليجي، بضرورة عدم «معاداة إيران»، واعتبر «حزب الله» اللبناني أحد عناصر «المقاومة»، كشف تقرير أمريكي أن إيران لا تزال تخطط لتطويق شبه الجزيرة العربية عبر دعمها للميليشيات الطائفية الموالية لها، بهدف زعزعة استقرار دول الخليج. وقال التقرير، الذي نشر على موقع «وور إن ذي روكس»، إن عناصر من الحرس الثوري وميليشيا «حزب الله» موجودة في اليمن وتقوم بتدريب مقاتلي ميليشيا «الحوثي»، كما أنها هي من تقوم بنقل وتركيب وصيانة منصات إطلاق الصواريخ بالإضافة إلى قيامهم بتدريب ميليشيات الانقلابيين والقيام بعمليات الإمداد والدعم اللوجستي. وأكد التقرير أن خسارة «الحرس الثوري وميليشيا حزب الله والميليشيات الأفغانية» هذا العام تمثل ضعف عدد الذين قتلوا العام الماضي حيث وصل مجمل القتلى إلى 44 عنصراً من ميليشيا حزب الله والحرس الثوري بقيادة أحد قادته المعروف باسم «أبو علي»، وهو الذي قاد عدة غارات حوثية سابقة ضد المملكة العربية السعودية، وساهم في توفير التدريب والإشراف التشغيلي لكتائب «الحسين»، وهي وحدة نخبة من الحوثيين في شمال ووسط اليمن.
بعيداً عن بعض البيانات الغامضة، لم تعلق إيران وحزب الله علناً على تدخلهما العسكري أو خسائرهما في اليمن. وهذا يتناقض بشكل ملحوظ مع مجموعة من البيانات الصحفية الناشئة عن خسائر ساحة المعركة في العراق، ويمكن فهم نتائج مغامرة إيران من خلال تحليل استراتيجيتها، والهجمات الصاروخية، وبرامج التدريب العسكري، واللوجستيات والإمداد، والعمليات البحرية في جميع أنحاء الحرب الأهلية في اليمن لمدة عامين.
القاعدة الاستراتيجية الإيرانية في اليمن
الدعم الإيراني للحوثيين هو جزء من استراتيجية تطويق إيران لشبه الجزيرة العربية التي تستخدم فيها الدعم السري للجماعات المذهبية من أجل أن تحل محل الأنظمة الوطنية وتصبح موالية لطهران. كما يحول عدم الاستقرار الناتج عن ذلك انتباه دول الخليج والدول الغربية بعيدا عن التعامل مع إيران مباشرة. وعلى مدى العامين الماضيين، قدمت إيران التدريب والدعم للخلايا الإرهابية التي تهدف إلى اغتيال المسؤولين الحكوميين وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الرئيسية في عدد من الدول الخليجية منها السعودية والبحرين. كما أن عمليات اعتقال الخلايا المدعومة من إيران في البحرين آخذة في الارتفاع.
ومن غير المعلوم إذا كانت دولة قطر تعلم بهذه المخططات التي تقوم بها إيران وميليشيا حزب الله في الخليج، أو لا تعلم بهذه المخططات إلا أننا نجد أن التقرير يقول إن الحوثيين في اليمن، كانوا تقليديا استثمارا متدنيا لا يعود بعوائد عالية لإيران -«ولكن يبدو أن هذا الحساب اختلف» بحسب التقرير الذي جاء فيه «ففي بداية الحرب الأهلية في اليمن، تجنب المستشارون الإيرانيون و«حزب الله» الارتباطات المباشرة وركزوا على برامج التدريب والتجهيز للحوثيين»، مضيفا و«سمحت معسكرات التدريب المشتركة بين الحرس الثوري وحزب الله، والتي تقع عموما بعيدا عن الخطوط الأمامية، لكلتا المجموعتين بالحفاظ على بصمة صغيرة وتقليل الخسائر في ساحات المعركة في اليمن مع تعظيم التزامات القوة في الصراعين السوري والعراقي».
وفي 8 مارس/آذار 2015، أعلن أحد قادة «حزب الله» مقتل ثمانية من مقاتليه أثناء القتال في اليمن، وبعد ثلاثة أسابيع، ضبطت قوات المقاومة الشعبية المدعومة من التحالف العربي ضد الحوثيين ثلاثة من ضباط الحرس الثوري الإيراني ومستشارا واحدا من حزب الله يقاتلون جنبا إلى جنب مع قوات الحوثيين في المحافظتين الجنوبية والشرقية في عدن وشبوة. كما أن استشاريين عسكريين إيرانيين ومن حزب الله للحوثيين يقاتلون الآن ويعتقلون بأعداد متزايدة في اليمن. ويقول التقرير إنهم فقدوا مؤخرا 15 مستشاراً وضباطاً في سلسلة من الضربات الجوية. وبالمقارنة مع خسائر كل منهما في سوريا والعراق، وارتفاع عدد القتلى يدل على زيادة الإنفاق من الدم الإيراني وحزب الله في شبه الجزيرة العربية، فقد جاء في التقرير أن عدد قتلى الحرس الثوري الإيراني في اليمن كان أكثر من الضعف هذا العام قياسا بالعام الماضي. وفي فبراير/ شباط، ألقت قوات التحالف العربي القبض على خمسة مستشارين من الحرس الثوري الإيراني وضابط صواريخ من الحرس الثوري الإيراني المعروف باسم «الأفغان» في محافظة صعدة الشمالية. وفي مارس/آذار، قامت إيران بتجنيد مستشارين أفغان إضافيين من الميليشيات الأفغانية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في سوريا ونشرتهم لتقديم الدعم العسكري للحوثيين في اليمن.
وكانت محافظة صعدة الشمالية بمثابة قاعدة لعمليات الهجمات الصاروخية والمدفعية الحوثية التي استهدفت السعودية وقوات حكومة هادي منذ مايو/أيار 2015.. وفي فبراير 2017، أعلن محافظ صعدة هادي طرشان الوائلي أن عدد مستشاري الحرس الثوري الإيراني في محافظته قد تضاعف. ويشرف مستشارو الحرس الثوري الإيراني المقيمون في صعدة على تصميم وصيانة وتنفيذ منظومات القذائف التسيارية لواء الصواريخ الحوثي، وفقاً لاستخلاص المعلومات مع القادة الميدانيين الحوثيين الذين تم القبض عليهم. كما يقومون بتدريس الاستهداف، وقراءة الخرائط، ودورات توجيه الأراضي في الحرس الثوري الإسلامي وبرامج تدريب حزب الله في صعدة.
في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2016، اعتقل الجيش اليمني أبو زهرة، وهو قائد الحوثي، في محافظة حجة الشمالية الغربية. وقد اكتشفت القوات اليمنية خلال التحقيق دليلاً باللغة الفارسية لمعايرة البوصلات الإلكترونية العسكرية المبرمجة مسبقا من وزارة الدفاع الإيرانية. وأثناء استجوابه بالفيديو، كشف عن إصدار دليل الجيب باللغة الفارسية للحوثيين الذين حضروا دورات الملاحة البرية ودورات قراءة الخرائط في معسكر تدريب إيراني في صنعاء. ويأتي اكتشاف دليل الجيب العسكري باللغة الفارسية في وقت يتزايد فيه بناء مدارس فارسية جديدة ومراكز ثقافية إيرانية في شمال اليمن.
إيران وحملة «حزب الله» البحرية
في يناير/كانون الثاني 2017، بدأ الجيش اليمني هجوما ساحليا جديدا، «الرمح الذهبي»، بدعم من المقاومة الشعبية والقوات الخاصة الإماراتية التي تستهدف على وجه التحديد نشاط حزب الله في اليمن على مدى الأشهر الثلاثة الماضية بحسب التقرير الذي جاء فيه «في يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، اعتقلت القوات المسلحة اليمنية والمقاومة اليمنية «سبعة من مستشاري حزب الله في تعز ومأرب». و إن عدد مقاتلي حزب الله الذين تم اعتقالهم في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام قد تضاعف بالفعل عما كان عام 2016. كما استردت هذه العملية سلسلة من الموانئ الاستراتيجية على طول الساحل الغربي لمدينة تعز، كما أعاقت عمليات ضبط الموانئ هذه خط أنابيب الأسلحة الإيراني، وحددت عمليات التعدين الحوثي البحرية، وقمعت هجمات القذائف الحوثية ضد سفن التحالف الأمريكية والسعودية.
ويعمل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله كرديف رئيسي للعمليات الحوثية المضادة للسفن. ففي 14 يناير / كانون الثاني، اعتقلت القوات المسلحة اليمنية اثنين من خبراء حرب البحرية التابعة لحزب الله في بلدة الضباب الساحلية الغربية في تعز. أحد هؤلاء المستشارين المتخصصين في تكتيكات وضع الألغام في حين ركز الآخر على الحرب البحرية غير المتماثلة. كما قدم الحرس الثوري الإيراني طائرات بدون طيار و«تكنولوجيا القوارب المتفجرة» لأداء هجمات «كاميكاز» ضد سفن التحالف العربي والدفاعات الجوية. وبعد ذلك بأسبوعين، هاجمت ثلاثة زوارق تابعة للحوثيين طائرة تابعة لفرقاطة سعودية بالقرب من ساحل الحديدة، مما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الطاقم وجرح ثلاثة آخرين. وفي 22 مارس / آذار أكدت مصادر إيرانية أنها تنشر متخصصين عرباً شيعة لتقديم التدريب العسكري والدعم اللوجستي للحوثيين. وبعد أسبوع، قصفت سفن حربية تابعة للبحرية السعودية منطقة ساحلية بالقرب من مدينة الحديدة الشمالية الغربية، التي تستضيف ثاني أكبر ميناء في اليمن. وقتل القصف مستشارا في الحرس الثوري الإيراني حيث ساعد المقاتلين الحوثيين في تزوير القوارب المحملة بالقنابل والمتجهة لشن هجمات بدون طيار ضد سفن التحالف الأمريكية والسعودية في البحر الأحمر.
المصدر: الخليج