التلميذ ثقيل الفهم أو مشتت الانتباه هو وحده الذي لا يستطيع أن يفهم الدرس بسهولة، أو لا يملك القدرة العقلية والتركيز اللازمين لحسن الإنصات والفهم والاستيعاب. والنظام القطري لم يغادر حتى الآن مقعد التلميذ بطيء الفهم والاستيعاب، متعللاً حيناً بصعوبة الدرس، وحيناً بقصور المعلم عن توصيل الدرس، وأحياناً أخرى بأعذار عدة يبرر بها عدم رغبته في الاستيعاب.
جربت قطر كل سبيل إلى حل أزمتها إلا الطريق الوحيد، الذي سيقودها إلى إنهاء الأزمة، والعودة إلى حاضنتها الخليجية؛ وذلك بالتوجه إلى الرياض؛ حيث يكمن الحل الواضح؛ لكن القيادة القطرية المريضة ترفض في عناد تناول الدواء المر، الذي نصحها به الأطباء الذين استشارتهم. وهي تحاول أن تقنع نفسها متوهمة أن الأدوية والعقاقير التي تتعاطاها بكثرة لن تشفي داءها العضال؛ بل ستفاقمه.
جال وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عواصم الدول الكبرى في الغرب والشرق، محاولاً استمالة هذه الدول إلى جانب قطر؛ في محاولة «تنظيم الحمدين» استدرار العطف العالمي؛ وتدويل الأزمة؛ والاحتماء بالأقوياء؛ باعتبار أن الاستثمارات القطرية الضخمة ومشتريات السلاح من هذه الدولة وتلك ستشفع لشبه الجزيرة الصغيرة في إنقاذها لتجاوز أزمتها، والمصاعب المتفاقمة أمامها.
لقد أسفر الحراك الدبلوماسي، وحملة العلاقات العامة التي لم توفر الدوحة مالاً أو جهداً في الإنفاق عليها، في تحقيق أي تقدم على صعيد حل الأزمة القطرية. فالمسؤولون الغربيون والشرقيون والوزراء والدبلوماسيون، الذين طرقت قطر أبوابهم أسدوا إليها النصح المرة تلو المرة باللجوء إلى الحوار، وتقديم التنازلات، والالتزام بوقف دعم وتمويل الجماعات الإرهابية كمدخل لعودة قطر إلى مجلس التعاون الخليجي، وتمتين اللحمة الخليجية.
ويبقى السؤال أي جزء من عبارة وقف تمويل الإرهاب ودعمه، ووقف التدخل في الشأن الداخلي للدول الخليجية والعربية لم تفهمه قطر حتى الآن؟
لقد سمع رئيس الدبلوماسية القطرية، الذي جاب العالم، شرقاً وغرباً، النصيحة نفسها: العودة إلى البيت الخليجي، وحل المشكلة القائمة بالحوار؛ لكن التلميذ بطيء الفهم لا يبدو أنه استوعب الدرس، فها هو الأمير تميم بن حمد يبدأ جولة أخرى على دول أوروبية؛ من أجل إخراج قطر من أزمتها الناشبة، التي تضيق خيتها كل يوم على سمعتها واقتصادها.
هل يتوقع أمير قطر أنه سيسمع لغة جديدة تختلف عن تلك التي سمعها وزير خارجيته في جولاته السابقة ؟
من الإفراط في التفاؤل أن تعتقد الدوحة أن جديداً قد طرأ على الموقف الدولي من الأزمة القطرية؛ بل إن الجديد هذه المرة أن أمير قطر تسبقه وتواكبه تظاهرات غاضبة غير مرحبة، تطالب بعدم استقباله سواء في باريس أو جنيف.
لا مخرج أمام التلميذ بطيء الفهم إلا أن يركز وأن يحسن الإنصات وأن يسمع النصح المُسدى إليه؛ ليتحرك من مقعد الفاشل. ولن ينفع بطيء الفهم تكرار الدرس في استيعابه.
المصدر: الخليج