استنسخت قطر أساليب النظام الإيراني في تسييس ملف الحج ومحاولة تدويله من خلال تقديمها شكوى لدى الأمم المتحدة من ما أسمته “تسييس شعائر الحج والعمرة واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسي»، متجاهلة كافة التسهيلات التي قدمتها المملكة العربية السعودية للحجاج القطريين، ومنها الإذن برحلات مباشرة من الدوحة باستثناء الخطوط الجوية القطرية.
وقامت السلطات القطرية أمس بإغلاق التسجيل الالكتروني لمواطنيها الراغبين في الحج وشنت حملة واسعة النطاق في كافة وسائل إعلامها ومواقعها الشبكية إضافة إلى حملات مشبوهة على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم فيها أن المملكة العربية السعودية وضعت قيوداً على قيام المواطنين القطريين بالحج وذلك على الرغم من إعلان المملكة عن ترحيبها بالمعتمرين والحجاج القطريين، وتوفير كافة التسهيلات لهم مع إمكانية قدومهم برحلات مباشرة من قطر على أي ناقلة باستثناء الخطوط القطرية.
وحسب تقارير فإن قطر تمارس منذ أيام حملات مشبوهة لإثناء مواطنيها عن القيام بالحج والعمرة وتضع العراقيل في طريق مكاتب الحج والعمرة في الدوحة لإفشال سفر من يرغب من مواطنيها إلى الحج، في مؤامرة تفضح سعيها المحموم لإلصاق تهمة التضييق بالسلطات السعودية.
وفي هذا السياق نشرت قناة الجزيرة تقريراً تضليلياً في موقعها على تويتر بعنوان «في ظل تحكم السعودية في الحج.. دعوات لفصل الحرمين عن السياسة». وقد أثار ذلك سخطاً واسع النطاق في المملكة العربية السعودية وبقية دول المنطقة خاصةً وأن الدعوات القطرية لتدويل الحج تتماشى تماماً مع التوجه الإيراني في هذا المجال.
استعطاف العالم
ولم تقف تكتيكات «تنظيم الحمدين» عند هذا الحد فلجأ إلى حسابات مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي في محاولات مستميتة لاستعطاف العالم بالباطل.
وأجمع مسؤولون ومواطنون خليجيون أنه على خطى إيران سار «تنظيم الحمدين» سالكاً نفس الدرب وادعى زوراً تضييق السلطات السعودية على الحجاج والمعتمرين القطريين وطفق إعلامه المسعور في كيل الاتهامات للمملكة لصرف الأنظار بعد أن استفحلت باقتصاده «آثار المقاطعة»، ومحاولة عبثية لاستغلال الشعائر في الخلاف السياسي وحصد مكاسب سياسية وإعلامية لن ينال منها سوى الهشيم.
وعملت قطر جاهدة على تضليل الرأي العام والترويج لأكاذيب يفندها الواقع، سعت بكل ما أوتيت لتصدير صورة المظلومية العبثية وترسيخها في الأذهان بالافتراء على المملكة وتصويرها في دور من يقف عائقاً بين الحجاج القطريين والبيت الحرام، سعت جاهدة إلى الخلط بين إجراءات السعودية بمنع «الخطوط القطرية» من دخول أجوائها وأنّ على الحجاج الوصول عبر خطوط الطيران الأخرى دون استثناء، وتصوير ذلك على أنّه تضييق وهي حجة من الوهن والضعف بمكان.
وتحاول الدوحة التهرّب من دفع استحقاقات العالم عليها بالتخلّي عن دعم الإرهاب وتمويله وإيواء قياداته، والعبث بأمن جيرانها لخلق الخراب والفوضى، عبر الهروب إلى قضايا أخرى تصرف بها الأنظار عن مأزقها.
وجزم محللون وخبراء أن محاولات الدوحة تسييس الحج ستفشل فشلاً ذريعاً مثلما فشلت من قبل محاولات تسويق المقاطعة بأنها «حصار». وفي هذا السياق، قال الخبير والباحث في العلاقات الدولية د. حسين بن فهد الأهدل إن قطر تحاول استغلال الأزمة للعب على وتر الحج كما سبقتها إيران في ذلك العام الماضي، وهي لعبة مكشوفة دومًا، ومكررة لا جديد فيها، خاصةً مع التصريحات والتأكيدات السعودية على أن الحجاج مُرحب بهم دومًا.
وأوضح أن النظام القطري يكرر أسطوانة مشروخة جربتها ايران قبلها في محاولة لتشويه صورة المملكة، والزعم بأن السعودية تمنع وصول حجاج هذه الدول لأداء الحج، رغم ان السلطات المعنية استثنت الحجاج القطريين من حظر الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، والسماح لهم بالسفر مباشرة من الدوحة إلى مطارين في السعودية، على أي خطوط طيران عدا الخطوط الجوية القطرية.
من جهته، اكد مدير عام الجوازات السعودية، اللواء سليمان بن عبدالعزيز اليحيى، أن جميع الحجاج القادمين لأداء الفريضة مرحب بهم وتقدم لهم جميع الخدمات، مشدداً على أنه لا صحة لمنع دخول الحجاج القطريين، ومن لديه شك في الترحيب، وتقديم الخدمات للحجاج القطريين يَأْتِي إلى منفذ الدخول الجوي «مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة»؛ ليشاهد ما يقدم من خدمات ورعاية لعموم الحجيج، بما في ذلك القادمون من قطر.
وقال اللواء اليحيى، حتى هذه اللحظة، ما زال هناك إخوة قطريون يدخلون الأراضي السعودية ليس بِغَرَضِ الحج، أو العمرة، وإنما يدخلون البلاد لِكَوْنهم لديهم علاقات أسرية في الداخل، وما زالوا يفدون إلى المملكة.
أما الباحث في العلاقات الخليجية – الخليجية د. عبد الله العبدلي فقال إن الحكومة السعودية أكدت مراراً وتكراراً أنها ستظل سندًا للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره، بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية، مشيراً إلى أن محبة السعوديين للشعب القطري، ستبقى ثابتة والروابط المشتركة بيننا ستظل قوية وصامدة على الرغم من الممارسات العدوانية للنظام القطري ضد المملكة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف العبدلي أنه منذ قطع العلاقات بين الرياض والدوحة وقفل الحدود مع قطر لم يتوقف المعتمرين القطريين يوماً واحداً عن القدوم إلى الأراضي المقدسة وأداء مناسك العمرة بكل يسر وسهولة وسط ترحيب إخوانهم السعوديين والسلطات السعودية.
وقالت أستاذة العلوم السياسية د. أميمة الشمري إن قطر تحاول البكاء وادعاء المظلومية عن معاملة فيها مضايقات لمواطنيها من حجاج بيت الله الحرام رغم أن موسم الحج لم يبدأ أصلاً، مشيرة إلى أن أي توظيف للخلاف مع نظام قطر في مسألة الحج والعمرة هي من الثقافة الإيرانية الفاشلة التي اعتدنا عليها مع موسم حج كل عام طوال السنوات التي تشهد توتراً في العلاقات بين البلدين.
وقالت الشمري إن تسييس الحج خط أحمر، استطاعت السعودية التعامل معه بمهنية عالية عندما حاولت إيران استخدامه عشرات المرات خلال السنوات الماضية، مشيرة إلى أن قطر التي تتلبس باللباس الإيراني في هذا الصدد سوف تفشل في نهجها هذا كما فشلت إيران على اعتبار أن الحج عبادة، وركن من أركان الإسلام، ولا يجوز أن يستخدم أو يوظف لغير ما شرعه الله.
كشفت تغريدات وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن العام الماضي مدى التدليس والنفاق اللذين يمارسهما أعضاء تنظيم الحمدين. ففي تاريخ 14 سبتمبر العام الماضي، غرد وزير الخارجية القطري مشيداً بالمملكة العربية السعودية على تنظيمها الحج: «صدرت المملكة بُعداً جديداً لثقافة العمل الإنساني ورقي التعامل إلى الشعوب العالم. نبارك للملكة العربية السعودية نجاح موسم الحج».
وأردف: «ما قدمته الشقيقة السعودية حكومةً وشعباً من جهود جبارة لخدمة حجاج بيت الله يزيد من ثقة الأمة الإسلامية بمن يخدم الحرمين الشريفين». الآن، وبعد مرور أقل من عام، يحمل محمد بن الرحمن ملفاته الكاذبة ويدور العالم لتدويل ملف الحج.
المصدر: البيان