ذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” اليوم السبت، أن الإطاحة الصادمة بمحافظ البنك المركزي التركي مراد تشتين قايا، يمكن أن تثير مجدداً قلق المستثمرين إزاء استقلالية البنك، وقد تعرقل ارتفاع قيمة الليرة الذي بدأ في مطلع مايو الماضي.
ويأتي القرار بعد أيام من ارتفاع سعر الفائدة الحقيقي في تركيا إلى مستوى عالمي تجاوز 8.3%، في الوقت الذي تباطأت فيه وتيرة معدل التضخم بأكثر مما كان متوقعاً، ما أعطى صنّاع السياسة مساحة للشروع في دورة لخفض سعر الفائدة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقد على نحو متكرر البنك المركزي، لإبقائه على تكاليف الاقتراض مرتفعة. وفي الشهر الماضي، شكا أردوغان من أنه بينما يتحرك مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) بصورة أقرب نحو خفض أسعار الفائدة، فإن “سعر الفائدة في بلدي هو 24%، وهذا غير مقبول”.
وكان أردوغان قد أقال تشتين قايا في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، وعيّن نائبه، مراد أويصال خلفاً له، وفقاً لمرسوم رئاسي نشر بالجريدة الرسمية.
ويتعرض البنك لضغوط من جانب أردوغان لخفض أسعار الفائدة، مقابل دعوات السوق لرفعها لكبح معدل التضخم الآخذ في الارتفاع.
وأبقى البنك سعر الفائدة الأساسي ثابتاً عند 24 في المئة منذ سبتمبر، عندما ارتفع بمقدار 625 نقطة أساس.
وتأتي إقالة تشتين قايا وسط تكهنات في وسائل الإعلام المحلية بأن السبب وراء هذه الخطوة هو رفضه خفض أسعار الفائدة كما طلبت حكومة أردوغان.
ويؤكد قرار أردوغان بإقالة محافظ البنك المركزي التركي على الضغوط التي يتعرض لها محافظو البنوك المركزية في مختلف أرجاء العالم، ويشمل ذلك رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي جيروم باول الذي يستهدفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نحو متكرر.
ودخل الاقتصاد التركي في مرحلة ركود نهاية العام الماضي، وخرج من الركود في الربع الأول من العام الحالي، ولكنه انكمش بنسبة 2.6 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لمعهد الإحصاء الرسمي التركي (تركستات).
وقال “تركستات” يوم الأربعاء الماضي، إن التضخم تراجع إلى 15.7% في يونيو من 18.7 في المئة في شهر مايو.
وذكر محافظ البنك الجديد اليوم السبت في بيان على موقع البنك على الإنترنت، إن البنك سيواصل “بشكل مستقل” تطبيق السياسة النقدية لتحقيق “الهدف الأساسي لاستقرار الأسعار”.
ويعقد مجلس إدارة البنك في 25 يوليو اجتماعه الشهري لبحث السياسة النقدية.
ولطالما دعت وكالات التصنيف الائتماني والمحللون، البنك إلى رفع أسعار الفائدة، وأثار رفضه اتخاذ هذه الخطوة، أسئلة حول استقلاليته.
وفي الشهر الماضي، خفّضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لتركيا من “بي إيه 3” إلى “بي 1″، وأبقت على توقعاتها السلبية، مشيرة إلى المخاوف بشأن “شفافية واستقلال” البنك المركزي.
وانتقد حزب “الشعب الجمهوري” المعارض الرئيسي، بشدة صلاحيات أردوغان، لأنها تضعف استقلالية البنك. وقال المتحدث باسم الحزب فائق اوزتراك: “لقد أصبح البنك المركزي التركي رهينة للقصر الرئاسي”.
وكتب تيموثي آش، الخبير الاستراتيجي في شؤون الأسواق الناشئة في مؤسسة “بلوباي آسيت مانجمينت”، على موقع “تويتر”: “لقد تم بالفعل الإضرار بمصداقية البنك المركزي التركي، وهذه الخطوة ألحقت مزيداً من الضرر”.
وأكد محافظ البنك المركزي التركي الجديد، أنه سيواصل تطبيق أدوات السياسة المالية الرامية لتحقيق استقرار الأسعار.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عن أويصال، قوله إنه سيستخدم قنوات الاتصال على أعلى المستويات بخصوص السياسات المحددة لتحقيق أهداف البنك.
المصدر: د ب أ