كاتب سعودي
اندلعت خلال الأيام الماضية نار ضروس، وسخنت تلك الحرب الباردة الممتدة لعقود، وخونت “الأرقام”، ونسفت الإحصاءات والدراسات، وفردت الصفحات “المشككات”.. وأقصيت الحقيقة، وراح كل فريق يجهز نفسه بطريقته، ويرمي بسهام النقيض.
بالمناسبة، أحدثكم عن “ثورة” بعض الصحف الورقية، والتي غضبت من أرقام وكالة “إبسوس” حيال التوزيع والانتشار، فالأولى تناصر، والأخرى تكاسر.. ويبقى القارئ هو الخاسر! بل هما الخاسران، بعد أن تفرغا لعراك لا يعني (سواهما)، ولا يصنع شيئا لمتلق يغرق بالبدائل، وتحيطه المصادر من كل صوب، صحف أخرى منافسة، ومواقع إلكترونية، وشبكات اجتماعية.. وأشياء أكثر أهمية، لا تجد في جنباتها وقتا للطعن أو التخوين، وهو الأمر الذي يجب أن يقوله “العقلاء” بصوت عال!
بنفس التوقيت، وأثناء حدوث كل هذه المعارك، كان قادة “الإعلام الرقمي” في العالم يجتمعون في “قمة أبوظبي للإعلام”، بقيادة الساحر بل غيتس، يناقشون ثورة التقنية، ويرسمون خطط المستقبل، ويصنعون أبجديات الخارطة التقنية لهم ولنا.. يأتون من أقاصي المستديرة ليتحدثون عن أسواقنا، ويحملون معهم دراساتهم حولنا، وينثرون “الأرقام” التي تمثل حياتنا، وممارستنا.. كانوا يتحدثون عن (الريادة) كـ”مشاريع”، وليس كـ”توزيع”، وعن السبق في “التفكير” وليس في “التطفير”.. يحفزون على دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة (SMEs) في هذا المجال، ويلخصون مستقبلها وانعكاساتها.. ويقدمون شيئا آخر للعالم، بعيدا عن (اهتمامات) بعض العوالم التي لا نعلم لأي عالم تنتمي.
أؤمن دائما بصدق الأرقام، وأكتب كثيرا منها في (#رقم)، وأعلم جيدا أن كلا النموذجين قد قاما على منصة الأرقام، لكن الفرق المهم، والذي يجب أن نستوعبه، أن الأرقام التي لا تعنينا لن نعيرها الاهتمام، ولن نكون جزءا من معارك لا تعرف عن “أرقام” احتياجاتنا ورغباتنا.
أخيرا، عودوا مجددا إلى الأعلى، وكرروا قراءة الفريقين، واحكموا بنظراتكم التي أؤمن بذكائها، وضعوا لذواتكم خيارا في طائرة الحياة، واحجزوا المقاعد باكرا لرحلة المستقبل.. أو انتظروا “قطارنا الهرم”؛ والذي لن يوصلكم سوى لمحطة الماضي! والسلام. .
المصدر: الوطن اون لاين