فيما يلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، غدا، الرئيس الأميركي باراك أوباما في زيارة هي الأولى للملك سلمان منذ توليه الحكم، تتركز المحادثات على حسم كثير من الملفات، من أهمها: التهديدات الإيرانية لأمن المنطقة، وتطورات النزاعين في اليمن وسورية، والجهود المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتحتل زيارة الملك سلمان أهمية خاصة، إذ إنها تأتي قبل نحو 14 شهرا على نهاية ولاية الرئيس الأميركي، وتعزيزا لدخول المملكة شريكا أساسيا وحليفا استراتيجيا لأميركا والغرب، فضلا عن الحلفاء العرب، في حين سبق أن نجح الملك سلمان في تحقيق أول توافق بين الكونجرس وإدارة الرئيس أوباما، رغم الخلافات بينهما حول قضايا السياسة الخارجية.
تأتي زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز للولايات المتحدة قبل 14 شهرا على نهاية ولاية الرئيس أوباما. وربما تشهد الفترة من الآن وحتى ذلك الحين تطورات كثيرة، إذ من المؤكد أن اختيارات الناخب الأميركي تحمل تأثيرات عميقة على العالم بأسره، للأفضل أو الأسوأ، لكن يبدو أن خصوصية العلاقة مع المملكة العربية السعودية، والتي تعود إلى 70 عاما خلت، تتجاوز هذه العواقب.
قبل ثلاث سنوات ونيف، زار الملك سلمان واشنطن، وقت أن كان وزيرا للدفاع، وهي الزيارة التي حققت أوسع توافق بين البيت الأبيض والكونجرس نحو المملكة منذ أكثر من 50 عاما. وخرجت الصحف الأميركية يومئذ وهي تصف المملكة بأنها الحليف الاستراتيجي الأهم في منطقة الشرق الأوسط.
تحقيق التوافق
وجاءت تلك الزيارة قبيل انعقاد قمة حلف شمال الأطلنطي “الناتو” والتي دارت حول توسيع عمل الحلف، بعدما ثبت أن المشكلات الجديدة التي يواجهها العالم لا تنحصر في محيط واحد، وأن تعاون الحلفاء في الدفاع عن القيم المشتركة في البلقان، وأفغانستان، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا يستلزم ضم المملكة العربية السعودية كشريك أساس وحليف استراتيجي لأميركا والغرب، فضلا عن الحلفاء العرب، وهو ما وصف بأنه شبيه بمحاولات تكوين “ناتو عربي”، كجزء مما وصف آنذاك بالمعركة من أجل المستقبل.
وخلال زيارته الولايات المتحدة، نجح الملك سلمان في تحقيق أول توافق بين الكونجرس وإدارة الرئيس أوباما، رغم الخلافات بينهما حول قضايا السياسة الخارجية، وذلك بشهادة رئيسة اللجنة الفرعية للاستخبارات في الكونجرس، سوزان مايرك التي قالت “لأول مرة يدعم الكونجرس بالإجماع المملكة، بما في ذلك القادة الجمهوريون أمثال جون ماكين، وجو ليبرمان”.
نجاحات متعددة
كما انتزع خادم الحرمين الشريفين موافقة الولايات المتحدة علي بناء منظومة دفاع صاروخية إقليمية، لمواجهة أي تهديدات إيرانية بصواريخ باليستية. بما في ذلك تحريك واشنطن لحاملة الطائرات “إنتربرايز” إلى الخليج العربي، إذ أصبحت لديها قوة جوية وبحرية فائقة، نظرا لوجود الحاملة الأخرى “إبراهام لنكولن” في المنطقة. ومعروف أن أميركا ترتبط بمعاهدات دفاعية مهمة مع جميع دول الخليج العربي، وتتضمن هذه المعاهدات التزاما أميركيا ضمنيا بالدفاع عنها ضد أي اعتداء خارجي.
وشهدت الفترة بين 2011 – 2012 أثناء تولي الملك سلمان وزارة الدفاع، صفقة الأسلحة الأكبر التي تم توقيعها مع المملكة في تاريخ صفقات السلاح الأميركية، إذ قدر ثمنها بمبلغ 60 مليار دولار. وبحسب المراقبين الأميركيين فإن زيارة الملك إلى الولايات المتحدة حققت ما هو أعمق من البعد العسكري والاستراتيجي المشترك، ذلك أنها أثبتت عدم وجود حليف عربي – إسلامي أهم من المملكة في الشرق الأوسط.
صيغة جديدة
وابتكر الملك سلمان صيغة جديدة ومميزة للشراكة بين البلدين والتوافق بشكل عام في القضايا السياسية والاقتصادية الحيوية، والتعامل معها كحزمة واحدة، تعتمد على تأمين الأهداف المشتركة والمتبادلة.
ولا ينسى أن رؤية الملك سلمان كانت أشمل بكثير من قضايا الدفاع والأمن المشترك بين البلدين، رغم أنه – وبحكم المنصب كوزير للدفاع في ذلك الوقت – كان ملتزما بأجندة محددة للزيارة، فقد أكد للمسؤولين الأميركيين أن المملكة ليست فقط حليفا استراتيجيا في مفاوضات السلام بين العرب وإسرائيل، أو في المساعدة على دعم الاستقرار في العراق وسورية، أو قضايا الأمن الإقليمي في الخليج والعلاقات مع إيران، وإنما في تعزيز الرؤية الحضارية للإسلام في العالم في مواجهة العنف والإرهاب.
المصدر: صحيفة الوطن