كاتب إماراتي
الطقوس يعرفها جيداً كل من كان «سرسرياً» في الثمانينات أو مشروع «سرسري» و حتى «سرسري-جونيور»، يبدأ المشروع على إحدى الإشارات نظرة منك ونظرة من سائق السيارة الأخرى، تلك النظرة التي «تجدح» شرارة التحدي بينكما، مرحلة التعارف تكون بأن تضغط على دواسة الوقود في «موترك» بقوة ليسمع الخصم ذلك الصوت الناتج عن «إكزوز» مخروم تم خرمه بوساطة خبير في الصناعية الرابعة يحمل اسماً على غرار «حسون دعامية» أو «غلوم سفايف» في ورشة غير شرعية عبارة عن ساحة ما في «سكن بنغالية»، يتم خرم «الإكزوز» بحيث يصدر تلك الأصوات المرعبة عند ضغط دواسة الوقود، لكن من دون أن تكشفه لجنة المرور أثناء الفحص السنوي، بالطبع يرد الطرف الآخر بضغطة أقوى للإشارة إلى البدء في التحدي!
بعد الإشارة يقوم كلاكما برفع الـ«جام» لكي يرى كل طرف مستوى المخفي في سيارة الآخر فيعرف حجم «الواسطة» التي يمتلكها في المرور، فيقدر قوة الخصم وإمكانية قيامه بقطع إشارات عدة أثناء التحدي، تبدأ المرحلة الثانية بالتسخين ويقترب منك السائق الآخر الذي تفوح رائحة سجائر «بيريه» الرخيصة من سيارته ويسألك السؤال الأزلي الذي تسبب في خلل التركيبة السكانية حتى اليوم: «قومة ولا خط ؟!» في حال كان السباق «قومة» ستنتظران الإشارة الخضراء كأي محترفين، وفي حال كان النزال «خطاً» فإما أن يعطي أحدكما الآخر «جدومي» بأن يسمح له بالبدء عن طريق «ديم» أو أن يتنازل الآخر بإعطاء إشارتين متتاليتين بمعنى «لست أنا من يقبل الصدقات»! ومن نافلة القول أن السباق يكون حتى الموت، فإما الموت أو العيش بعار الهزيمة التي يذكرك بها الجميع بحيث تصبح تاريخاً معتمداً، أول العيد، رأس السنة، رمضان، اليوم إللي انغسل فيه بوغنيم.. وهكذا!
حوادث السيارات تبقى من الموضوعات الدائمة الطفو على السطح بين فترة وأخرى، خصوصاً بعد كارثة معينة أو حادث مؤلم يذهب ضحيته شخص معروف أو زميل محبوب، وفي رد وزارة الداخلية على لجنة الداخلية والدفاع في المجلس الوطني في العام الماضي، ذكرت الوزارة أن عدد المواطنين الذين قضوا خلال أربع سنوات كان نحو 900 مواطن، أي ما نسبته واحد في الألف من المواطنين تقريباً وهي نسبة ليست قليلة.
فإذا كان السبب في الأيام الخوالي هو الفراغ وقلة التوعية والجهل فإن هذه العناصر لم تعد موجودة في الأيام الحالية، خصوصاً مع الجهود التوعوية التي لا تنكر للعديد من الجهات المجتمعية، لكن ابحث عن السبب! هل شاهدتم فيلم «فاست فود آند فيريوس» مادري شو اسمه! الذي يعرض على الشاشات في هذه الأيام؟ أنا عن نفسي كلما شاهدت أحد أجزائه في إحدى صالات العرض لا أعود إلى المنزل إلا بعد أن «آكل» ستة رادارات! ولهذا لم يكن من المصادفة أن يتم الإعلان الرسمي عن القبض على عصابة «غروب الكارثة» بعد يومين فقط من بدء عرض الفيلم في الدور المحلية!
الموضوع لا يحتاج إلى الكثير من المعادلات.. طاق طاق.. طاقية!
المصدر: الإمارات اليوم