كاتب إماراتي
أعتقد أنه من غير المنطقي أبداً أن يتحول نصف أفراد المجتمع إلى كُتّاب ومؤلفين، وعندما لا يكون هناك منطق فبالتأكيد هناك علة وخلل، إذ إنّ ظاهرة عشرات المؤلفين الذين ظهروا لدينا فجأة من حيث ندري ولا ندري جديرة بالدراسة، وإن كنت أظن أنها لا تحتاج إلى دراسة بقدر ما هي تخبّط وموضة و«برستيج» من باب نخوض مع الخائضين وحشر مع الناس عيد!
ظهر كُتّاب وما هم بكُتّاب، يبحثون عن الشهرة السريعة بأسهل الطرق، الكتب التي قرؤوها في حياتهم تُعد على أصابع اليد الواحدة، وربما لم يقرؤوا أي كتاب واكتفوا بتصفّحها بنظرة سريعة، فتوهموا أنهم قراء ومثقفون يمتلكون القدرة على الكتابة والتأثير.
ليس كل من أصدر كتاباً يمكن تصنيفه بالأديب، ولا كل من شارك في ندوة يمكن اعتباره مثقفاً من المؤثرين، ولا يمكن لأي شهير في مجال آخر لا صلة له بالثقافة أن يتحول إلى كاتب، هذه الألقاب لا تُعطى ولا تُمنح بقدر ما تُكتسب من إبداعات الشخص وإسهاماته الثقافية والأدبية وغيرها، على مر السنين.
أن تتحول إلى كاتب وأديب ليس بسهولة أن تمتلك مصباح علاء الدين السحري لتطلب من مارد المصباح أن تتحول إلى أديب يتحدث عنه الملايين، يقول الأديب توفيق الحكيم: «الأديب الحق هو الذي يجعلك تدرك عمقاً جديداً كلما أعدت قراءة الكتاب».
الكتابة والكتب نافذة على ثقافات مختلفة، نتعلم منها الدروس والعبر، نطّلعُ فيها على تجارب غيرنا، نأخذ ما يفيد، ونترك ما لا ينفع، قد نجد فيها الكثير من الأشياء التي لا توافق هوانا، تخدش حياء البعض منا، نرفضها رغم أنها جزء من الواقع والحقيقة، كذلك في مجتمعاتنا الخليجية هناك أمور صعبة، يتطرق لها البعض في كتابته بطرق مختلفة، إنما الكاتب الذكي وحده من يستطيع أن يوصل فكرته للمتلقي مهما كانت جرأتها.
لكل مجتمع خصوصيته، في بعض المجتمعات ليس من العيب أن يمشي الشخص عارياً، وفي مجتمعات أخرى من الصعب جداً أن يتجول أحدهم بسروال قصير، لذا من الضروري جداً أن نعي ماذا نكتب؟ ولمن نكتب؟ وما الهدف مما نكتب؟ يقول شاعر المهجر ميخائيل نعيمة: كم من ناس صرفوا العمر في إتقان فن الكتابة ليذيعوا جهلهم لا غير.
المصدر: الإمارات اليوم