كاتب وإعلامي سعودي
تجاوزات بعض الجامعات في اختيارها المعيدين باتت شيئاً يدعو إلى القلق، بل يبعث الألم والوجع، لماذا؟ لأن الجامعات، وكالمعتاد، مؤسسات علمية أكاديمية لها أنظمة ولوائح؛ لضبط إيقاع العمل وحماية هيبتها من الاختراق، بل لو فُتح الباب على مصراعيه لأنصاف المؤهلين ومن لديهم «واو» مشددة للالتحاق بالجامعات كأعضاء هيئة تدريس؛ لانحنت الجامعات رويداً رويداً حتى تسقط علمياً وأكاديمياً، وحينئذ ستظل عالة على المجتمع والدولة، في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون مصدر حياة وإلهام وحصناً منيعاً ضد الجهل للبلد وأهله.
بعد هذه الإشارة إلى مكانة الجامعة، لن أتحدث عمّا تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الإلكترونية عن تمادي جامعة شقراء في خرق الأنظمة واللوائح؛ من أجل تعيين ابنة «فلان» وولد «علان»، على رغم عدم كفاءتهم، بل سأتحدث عن رفض كلية الهندسة بجامعة الإمام طالباً سعودياً متفوقاً تقدم بأوراقه إليها يطلب انضمامه إليها معيداً. نعم رُفض المتفوق عبدالله السبيعي، ولم يشفع له تفوقه مع مرتبة الشرف في الهندسة الكهربائية، ولم تُكِّلف الكلية نفسها بإيضاح أسباب الرفض. شخصياً لم أصدق فحاولت الاتصال بالكلية ولم أجد رداً سوى أن العميد مسافر، وأعدت الاتصال بمكتب وكيل الجامعة عبدالله أبا الخيل، وكذلك لم أجد إجابة على هاتفي. لم يدر في خلدي ساعتها سوى الاستفسار عن معرفة رفض الكلية مواطناً سعودياً متفوقاً، وكذلك معرفة ما أشيع بأن عدد أعضاء هيئة التدريس السعوديين في كلية الهندسة ليسوا متخصصين في الهندسة، بل جاؤوا من تخصصات تقنية، وأن عميد الكلية ليس أكاديمياً، بل انتقل إلى الجامعة من مؤسسة ليست أكاديمية. كل هذه الأسئلة كانت تؤرقني، ولكن يبدو أن الإخوة في الجامعة لا يؤمنون بأهمية الرد على جهاز مزعج يسمى الهاتف، على رغم ذلك ما زلت مؤملاً أن يرد المتحدث الرسمي باسم الجامعة على هذه الاستفسارات حينما يقرأ هذه الكلمات.
لا أحد يستطيع أن يتخيل عجز الجامعات في تسديد حاجتها من أبناء الوطن المؤهلين بعد عقد من الابتعاث، ولكن المزاجية في وضع العراقيل والمحسوبيات عطلت تقدم جامعاتنا في المنافسة عالمياً، وعطلت أيضاً عقول شباب لو مُنحوا الفرصة لكان لهذه المؤسسات الأكاديمية موطئ قدم بين الجامعات العالمية المتقدمة بالتوازي علمياً وبحثياً.
إذا كانت الجامعات السعودية تريد أن تحقق فعلياً مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات فعليها أن تكون بيئية حاضنة للمتفوقين من أبناء الوطن وبناته، كما تفعل جامعات متقدمة في الغرب والشرق. لا نريد هجرة للعقول الوطنية إلى الخارج؛ بسبب بعض الممارسات الخاطئة ممن يقومون عليها، فالمعيار الأساسي الذي يجب أن يكون عليه القبول والرفض في مثل هذه الحالات هو للتفوق العلمي، وليس للواسطة والمحسوبية.
المصدر: الحياة