قال مواطن من بلاد الخليج لصديقه الفرنسي: كم أنتم محظوظون بهذه الأمطار والغيوم والمساحات الخضراء. رد عليه الفرنسي: أنتم المحظوظون بالشمس والصحراء والطقس الحار.
مرة قابلت في دبي رجلا ألمانيا وزوجته، وكان الجو في دبي غائماً كأن الأرض تتهيأ لرشة مطر. قلت لهما: عسى أن تكونا مستمتعين بهذا الجو الجميل. ردت السيدة سريعاً: لا! جئنا من أجل الشمس ولم نرها حتى الآن. ضحكت وقلت: انتظري ساعات قليلة وستعود الشمس في أنصع إطلالتها! أهل البرد يتوقون للدفء. وأهل الدفء يبحثون عن البرد. يروى أن نابليون سأل قائداً عسكرياً روسياً: لماذا تحاربون؟ فرد عليه الروسي: من أجل العزة والكرامة. فعلق نابليون ساخراً: كل يبحث عما ينقصه!
وبعيداً عن سخرية نابليون، هي حقيقة أن الكل يبحث عما ينقصه. فالفقير يبحث عن المال. والغني يبحث عن مزيد من المال. وكلاهما يبحث عن السعادة. مشيت يوماً مع رجل أعمال ممن أنعم الله عليه بنجاحات كبيرة في استثماراته وتجارته. لكنه لا يتحرك إلا وفي جيبه أنواع كثيرة من الأدوية: للقلب وللسكر وللقولون وللكولسترول. قال لي: قليلاً ما اجتمعت الثروة والصحة. وأشار بيده نحو عمال يفترشون الأرض وقال: ربما أنهم يشتركون في أكل قطعة خبز وحبة بصل. ولعلهم أكثر صحة وسعادة مني ومنك.
سألني “أين تجد سعادتك؟”. قلت في كتابة مقال وفي قراءة كتاب. ثم استدركت وقلت: لكنني لا أمانع من تجربة السعادة في جمع قليل من المال أستطيع به شراء بيت العمر فأنا من بلاد النفط حيث يعيش المثقف ويموت وأكبر أحلامه أن يمتلك بيتاً يؤوي أسرته بعد رحيله. وأنا من بلاد يؤمن أهلها بأن «الثقافة لا تؤكل عيشاً بل تجلب الفقر». وكل يبحث عما ينقصه: التاجر يبحث عن مزيد من الجاه. والمثقف يبحث عن بيت يؤويه.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٥-٠٧-٢٠١٢)