كاتب إماراتي
سبحان الله، كل شيء تحول إلى خط أحمر، إذ كلما تحدثنا عن أي موضوع لابد أن يقفز أحدهم غاضباً، وقد أشهر سيفه الخشبي ليردد بنبرة غاضبة: هذا الموضوع خط أحمر، كل موضوع تافه وغير تافه، مهم وغير مهم، قد تحول بالنسبة إليهم إلى خط أحمر.
لذا كنت متردداً وحذراً جداً فيما سأكتبه من مقالات في المرات المقبلة، سبق أن انتقدت الحمقى و«الخبايل» ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اشتهروا لأسباب لا يعلمها إلا الحمقى، فاتضح أن انتقادهم خط أحمر، ثم من الطبيعي أن يتم اعتبارك حاقداً وحاسداً وتحرقك الغيرة، لأنك تجرّأت وتحدثت عن ظاهرة المشاهير الحمقى.
قرّرت ألا أتطرق إلى أي سلوكيات تتعلق بالمجتمع حتى لو كان الخطأ يركبهم من «قمبوعة» الرأس حتى القدم، الانتقاد في حد ذاته تعدٍّ على الحريات، وقد يدخل الكاتب في سين وجيم، وربما يتم تصنفيه من ضمن المعارضين الذين يسيئون إلى المجتمع، وقد يتحول لحظتها إلى شخص متخلف رجعي مكفهر لا يعرف شيئاً عن الحداثة والتطور والتقدم.
لن أكتب عن إدارة حماية المستهلك، التي نقرأ كثيراً عنها في الصحف، ولا نلمس إلا القليل من إنجازاتها، انتقاد إدارة حماية المستهلك سيعتبره البعض انتقاداً لوزارة الاقتصاد، والوزارة تتبع للحكومة، والحكومة بلاشك خط أحمر.
ثممالي ومال انتخابات المجلس الوطني والمرشحين، فاز من فاز وخسر من خسر، ومن أكون لأعلق على البرامج الانتخابية للمرشحين، حتى لو كان أحد المرشحين من المديرين قد طلب من الموظفين والموظفات في الدائرة التصويت له، عندما أرسل الحافلات لنقلهم إلى مراكز التصويت، فالكتابة عن هذا التصرف الخاطئ تعتبر خطاً أحمر.
الحل بسيط جداً، امدح ثم طبّل ثم امدح، وعندما تنتهي من التطبيل لا بأس بالمجاملة، وعندما تكتفي من المجاملة تحول إلى وضعية النفاق، وعندما يكتشف الجميع أنك منافق من الدرجة الأولى، حوّل قليلاً اتجاهك كي لا تلتصق بك صفة النفاق، هنا يمكنك أن تنتقد، ولكن الحذر ثم الحذر فيما تنتقد، تذكر الخط الأحمر الذي يحيط بكل الموضوعات، حينها لا بأس أن تتطاول على الدين، تُحلّل وتُحرّم وتفتي وتُكفر و«تدعدش»، هذا الموضوع بالذات متاح ومباح يحتمل كل الألوان إلا الخط الأحمر.
المصدر: الإمارات اليوم