كاتب سعودي
الجريمة البشعة التي حدثت في محافظة شرورة وذهبت ضحيتها أسرة كاملة مكونة من أربعة أبناء وأمهم لن تكون الأخيرة، ولا يجب أن نتوقع عدم تكرارها لدينا؛ لأننا مجتمع بشري كأي مجتمع آخر، فيه كل أنواع العلل النفسية والأمراض العقلية، وفيه الأزمات العائلية والضغوط الاجتماعية، وكل مشاكل الحياة التي يتعرض لها البشر، لكن الفرق المهم بيننا وبين الآخرين أننا نستمر في مشاهدتنا لمشاكل مفجعة تتكرر أمامنا دون أن نبادر كغيرنا لوضع أنظمة وقوانين وقائية تحد من وقوعها وتحاسب المتسببين فيها.
كم مرة سمعنا عن أب عذب أطفاله حد الموت، وكم سمعنا عن حوادث تعنيف أسرية تصل بضحاياها إلى مشارف الموت، ومع ذلك يظل الأب أو عائل الأسرة هو المسؤول عنها حتى لو كان مختلا بكل المقاييس ولا يحتاج إلى لجنة طبية لإثبات اختلاله المؤكد. الأب الذي قتل أسرته كاملة في شرورة أكد شهود العيان أنهم لاحظوا تصرفات غير سوية بدرت منه خلال اليومين الماضيين، إذ كان يعامل أطفاله بقسوة وعنف، كما أنه صعد في إحدى الصلوات إلى المنبر وأطلق عبارات غير مفهومة، لكن السؤال لماذا لم يبلغ عنه أحد ليمنع تلك المأساة؟؟ الجواب بسيط، فالقاعدة السائدة لدينا: كل واحد حر في عياله، وبعض الناس يتحاشون التبليغ عن أي مخالفة أو جريمة على وشك الحدوث خشية التورط في مساءلات وتبعات معقدة، أي أن الثقافة الاجتماعية مع غياب قوانين الحماية ساهما في استمرار سيناريو الجرائم الأسرية.
الآن، وقد وافق مجلس الوزراء على نظام الحماية من الإيذاء، ومن ضمن أهم ما جاء فيه (اتخاذ الإجراءات النظامية بحق المتسبب بالإيذاء ومعاقبته، وعلى كل من اطلع على حالة إيذاء الإبلاغ عنها فورا، وإحاطة وزارة الشؤون الاجتماعية أو الشرطة بحالة الإيذاء فور العلم بها، وتحدد اللوائح إجراءات التبليغ، ولا يجوز الإفصاح عن هوية المبلغ عن حالة إيذاء إلا برضاه، أو في الحالات التي تحددها اللائحة التنفيذية للنظام، ويلتزم موظفو وزارة الشؤون الاجتماعية وكل من يطلع ــ بحكم عمله ــ على معلومات عن حالات إيذاء بالمحافظة على سرية ما يطلعون عليه)، فهل سيكون هذا النظام فاعلا في دفع المجتمع للخروج من حالة السلبية إزاء جرائم تتكرر أمامه، وهل سيكون بالفعل كفيلا بتحميل أفراد المجتمع مسؤوليتهم وحمايتهم، وهل سيجبر كل جهات الاختصاص على القيام بمسؤولياتها؟.. سنرى.
المصدر: عكاظ