منذ أن شاع خبر إطلاق النار على النائبة البريطانية جو كوكس الأسبوع الماضي.. دون إعطاء أي تفاصيل إضافية في بداية الأمر.. وضعت يدي على قلبي وقلت سيكون حادثاً جديداً بطله شخص يحمل «الحروف العربية».. وتبقى تتدحرج الأنباء في البحث عن الأصل والفصل وتاريخ دخوله بريطانيا وميوله الدينية، حتى يجدوا له صلة ما بالإسلام.
في هذه الظروف لو انفجر إطار سيارة بين ولايتين أميركيتين، سيكون سببه التطرف الشرقي، لو عاث مشجعون إنجليز تكسيراً وتحطيماً في شوارع فرنسا لكان سببه نحن، لو انكسر كوب زجاج في يد نادل بمقهى ألماني سترجع أسبابه إلى اللاجئين العرب.. التهم متوافرة بمقاسات كثيرة وموديلات متنوعة لكن فقط ننتظر من «سيلبسها» ويظهر بها أمام العالم.
بعد أقل من يومين من حادثة إطلاق النار على النائبة المعارضة جو كوكس توفّيت السيدة، واتضح أن من أطلق النار هو بريطاني الأصل والمنشأ والتفكير والتطرّف ويدعى توماس مير، حيث أطلق ثلاث رصاصات عليها وهي في طريقها لمكتبها لدوافع سياسية، بسبب وقوفها مع بقاء بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، النائبة عرفت بمواقفها المؤيدة لفلسطين وسورية، حيث كانت ترأس لجنة «البرلمانيين لأجل سورية» كما عملت في منظمات اغاثية إنسانية كثيرة.
لِمَ لا يعتبر ما قام به هذا المجرم تطرّفاً؟، لمَ لم نقرأ تقريراً واحداً من الوكالات العالمية عن أصوله وميوله واتصالاته قبل العملية الإجرامية وعدد مرات صلاته في الأسبوع؟ لمَ لم يظهروا صوره مع أولاده وزوجته ومراسلات هاتفه النقال؟ لم وسم التطرّف صار فقط يخصنا نحن وديننا نحن؟ لم يحصر التطرّف في التطرّف الديني أليس التطرف السياسي تطرفاً إجرامياً أيضاً؟ أليس التطرف الرياضي تطرّفاً أيضاً؟ ألم نشاهد المشجعين الإنجليز ماذا فعلوا في فرنسا فور وصولهم لتشجيع منتخب بلادهم بأمم أوروبا؟ ألم نقرأ عن هتفاهم لـ«داعش»، لماذا نحن العرب، نحن المسلمين نعتبر الوكلاء الحصريين للتطرّف في العالم؟! فكل جريمة وحادث فردي هو مجرد «حادث إطلاق نار» إذا كان فاعله لا يحمل اسماً عربياً، وهو إرهاب وتطرف إذا كان منفّذه يحمل اسماً عربياً، حتى لو كان ملحداً.
كم أنت محظوظ يا توماس مير.. لأن اسمك توماس مير!
المصدر: الإمارات اليوم