نقلاً عن موقع أرابيان بيزنس (ترجمة: هتلان ميديا)
تتزايد الفجوة بين الإبداع كقيمة وما يساويه فعلياً في السوق، وذلك الوضع يجب أن يتغير.
هل أنت مبدع؟ بالطبع أنت كذلك، فكل واحد منا مبدع بشكل ما. وقد لا تفاجئ إن علمت أن صناعة الثقافة والإبداع واحدة من أكبر الصناعات في العالم من حيث القيمة الاقتصادية وخلق فرص العمل، فحسب تقرير لمؤسسة إيرنست آند يونغ (EY) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو)، حقق القطاع 2250 مليار دولار في عام 2015، أي ما يوازي 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في ذلك العام، حيث كان يعمل في قطاع الثقافة والإبداع 29.5 مليون شخص، أي واحد بالمئة من عدد السكان في سن العمل على مستوى العالم.
الإبداع ضروري للغاية سواء على الصعيد العالمي أو على صعيد المنطقة، وتضم مدينة دبي للإعلام، أكبر تجمع إبداعي في منطقة الخليج، 1600 شركة، وتستضيف TwoFour54 في العاصمة أبوظبي أكثر من 600 شركة، كما تتطلع دول أخرى إلى إنشاء قطاعات إبداعية محلية خاصة بها، فقد افتتحت المملكة العربية السعودية “المدينة الإعلامية” في الرياض مطلع العام الجاري.
هناك وعي كبير بأهمية الإبداع الذي يشكل جوهر العديد من الصناعات والمهام بما في ذلك الترفيه والتسويق والعلامات التجارية. قد لا يشعر العاملون في مجال الإبداع دائماً بنفس هذا الشعور، لا سيما الوكالات والذين يعملون بالقطعة، ولكن الانطباع الذي يراودني كثيراً أن الإبداع لا يحظى بالتقدير المناسب. وقد تسأل عن السبب! حسناً، مثل كل شيء، فإن الأمر يتعلق بالسعر وطريقة السداد.
دعونا نتحدث عن المقابل، فأنا أعمل في هذا المجال لفترة طويلة تكفي لأتذكر عندما كان مؤلفو الكتابات الإبداعية والصحفيون والمحررون يتقاضون بضعة دراهم مقابل الكلمة الواحدة. ولكن قيمة الكلمة المكتوبة شهدت تراجعاً مستمراً، حتى وصل الأمر إلى أن تقديم كتابات إبداعية مقابل أقل من درهم واحد للكلمة، فقد أصبحت جودة المنتج في مرتبة ثانوية بالنسبة للتكلفة. وإذا تحدثنا عن عملية السداد، فقد باتت مطاردة العميل للحصول على قيمة الفواتير أسلوب حياة بالنسبة للعديد من الوكالات والكتاب المستقلين، لا سيما عند العمل مع مؤسسات حكومية معينة (بعض المؤسسات الحكومية التي أعرفها استثنائية من حيث السداد في الوقت المحدد)، فليس غريباً أن يتم سداد الفواتير بعد مدة تصل إلى عام كامل بعد إتمام العمل.
هذا الأمر محير بالنسبة لي، فاحتمال تعرض المؤسسات الحكومية لمشكلات نقدية أقل بكثير من شركات القطاع الخاص. وبالطبع، فإن أي تأخير في التدفقات النقدية يؤدي حتماً إلى الضغط على رواتب الموظفين ومدفوعات الموردين، كما أن تأخير سداد الدفعات يؤثر سلباً على سمعة المؤسسة، فالعديد من زملاء المهنة لا يرغبون في العمل مع المؤسسات الحكومية خوفاً من عدم حصولهم على مستحقاتهم في المواعيد المحددة
نظراً للضغط الذي سببته الجائحة على الاقتصاد، فإن العديد من المبدعين يكافحون من أجل البقاء واقفين على أقدامهم، لذا، فإن سداد مستحقاتهم في الوقت المحدد وبمقابل مناسب سيساعدهم على اجتياز عام 2020 بسلام. وعلى النقيض من ذلك، فإن التأخير في سداد المستحقات ودفع مبالغ أقل من القيمة الفعلية سيدفع بالعديد من المبدعين إلى إغلاق وكالاتهم ومغادرة المنطقة.
الإبداع ضروري ومهم… فقط اسأل أي مسؤول تسويق عن أهمية الإبداع، فالعلامات التجارية للشركات والعلامات المؤسسية الوطنية تحتاج إلى أفضل العقول كي ترسخ في أذهان العملاء، ونحن بحاجة إلى تشجيع أفضل المبدعين للقدوم إلى المنطقة والعمل هنا.
مع وضع جميع هذه الأمور في الاعتبار، فإنني أتساءل كم يساوي الإبداع في الخليج؟ وأؤكد أن قيمة الإبداع أكبر بكثير مما يرغب الكثير منا في دفعه. وهذا الوضع يحتاج إلى تغيير.