ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
اعتدت في فترة دراستي بمانشستر الذهاب إلى «كوستا كافيه» القريب من منزلي، حيث كنت اسميه حضانة، لأنه مع أول كل صباح توجد فيه أمهات مع أبنائهن الرضع يتجاذبن أطراف الحديث. كنت دائماً أختار الطاولة المطلة على الشارع مراقباً المارة في ذهابهم وإيابهم ومستمتعاً بزخات المطر التي لا تتوقف عن هذه المدينة. ولأن المقهى على زاوية وتقاطع وإشارة مرور، فكانت تتوقف عنده السيارات والباصات التي غالباً ما كان يعلن عليها عن أفلام جديدة قادمة كانت هدفاً لمشاهدتها في إجازة نهاية الأسبوع.
في ذلك المقهى لي ذكريات جميلة، هناك قرأت رواية «The Rain Maker»، التي أهداني إياها صديقي محمد، وفي ذات يوم من أيام الآحاد ذهبت مع عائلتي لتناول الإفطار فيه كما كنا نفعل صباح كل أحد، وفي الطابق العلوي كانت ثمة طاولة بجانبها محوّل كهرباء، كنت وزوجتي نجلس هناك لنبدأ ماراثون الدراسة بعد أن يذهب أطفالنا إلى المدرسة. ذكريات جميلة بحق كانت هناك.
ولكن في يوم الجمعة الموافق 16-2-2012 وفي اليوم التالي لتجاوزي مناقشة الدكتوراه بنجاح ولله الحمد، ذهبنا (أنا وصديقي) بعد صلاة الجمعة لنشرب الإسبريسو في المقهى نفسه ولأستعيد ذكريات الماضي الجميل، في مساء هذا اليوم بالتحديد وصلني نبأ وفاة والدي عليه رحمة الله.
الشاهد.. على الرغم من سلسلة ذكريات رائعة عشتها في هذا المكان بالتحديد، إلا أن الذكرى المؤلمة الأخيرة مسيطرة وغالبة على بقية الذكريات، فكلما تذكرت هذا المكان تذكرت خبر تلقي وفاة والدي، ولا أخفيكم سراً، فلو قدر الله ورجعت إلى مانشستر مرة أخرى سأتحاشى زيارة ذلك المقهى.
ولكن أقف مع نفسي أحياناً، وأقول: لماذا كل هذا؟ لماذا هذه الفكرة السلبية؟! هذا خطأ فادح إن تركنا مثل هذه الأفكار السلبية تسيطر على حياتنا، نعم نؤمن بقضاء الله وقدره، ولكن نسأل الله أيضاً أن يرزقنا برد الرضا بعد القضاء. في هذا المقال بالتحديد لن أقتبس من علماء تطوير الذات أو المتخصصين في الإيجابية كما تعودت، ولكني أترك للقارئ التفكير وإيجاد الحل، قد تكون أنت عشت أو تعيش معي مثل هذه المواقف وبدأت تتضايق من حالة الخوف والسلبية التي التصقت تماماً بعقلك الباطن، لا أطلب منك سوى أن تقف مع نفسك للحظات وتحاول، بل أن تعمل جاهداً، على تجاوز هذه الحالة، فروحك أنت وكل من تحب وأيضاً من هم تحت التراب بحاجة إلى تفاؤلك وسعادتك، فلن تفتح باب سعادة الآخرة إلا بمفتاح سعادة الدنيا.. فكن سعيداً.. ورحم الله والدي.
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-02-19-1.758236