كاتب سعودي
لا أدري متى بدأت هذه الأسطورة الشعبية المتداولة؛ التي تقول إن رجال المباحث يحملون أكياساً يضعون فيها كل من يتحدث عن الحكومة بسوء، وأن صاحب الحظ العاثر الذي يتم وضعه في هذا الكيس الخُرافي لا يعود إلى أهله إلا بعاهات مستديمة، وقد لا يعود في بعض الحالات إلا ميتاً؟
المهم أن الأطفال كانوا يسمعونها دائماً من الكبار قبل النوم وعند الذهاب إلى المدرسة، وكذلك عندما يصرخ أي أحد بالشكوى من تصرفات الحكومات والحكام، وهي من نفس المدرسة الشهيرة التي تؤكد باستمرار أن الجدران العربية لها آذان لا تشيخ.
المؤلم أن أسطورة الكيس هذه ومثيلاتها تختصر مأساة الإنسان العربي مع القمع والإذلال والرقابة الغبية بشكل عام؛ أما الكيس فربما كان مجرد رمز مخيف لكل من يفكر بالخروج عن الجادة ولو بكلمة لا يُلقي لها بالاً. طبعاً نحن لا نعرف -كأجيال جديدة- ما هي مواصفات تلك الأكياس ولا حجمها ولا درجة تهويتها؟!
وحينما نقرأ عنها اليوم فنحن لا نستطيع تصور الكيفية التي يوضع بها إنسان في كيس، ولا لماذا الكيس بالذات دون غيره؟
الأساطير العربية المرتبطة بالسجون والمعتقلات تقول أيضاً إن وراء كل مواطن عربي ثلاثة مخبرين يراقبونه على مدار الساعة في تلك الأيام الخوالي؛ لكن هل انتهى ذلك التاريخ الأسود من كل ربوع العرب؟
أم أن بعض الأكياس لا تزال تعمل بشكل أو بآخر؟! أعرف أن بعضكم يقول الآن (لو حطوك في الكيس ما تكلمت) بلى يا سادة سأتكلم لأنني أعيش عصري، ولدي قناعة بأن الأحوال العربية تغيرت، وأنه لا مكان للأكياس ولا للمخبرين في هذا العالم.
المصدر: صحيفة الشرق