ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
ذات صباح من أيام عام 2005 وقبل مغادرتي مائدة الإفطار وبينما أنا أقرأ ما حملته الصحيفة من أخبار، فإذا جرس هاتفي النقال يرن، كان رقماً غريباً، استجبت للطلب، فإذا بصوت نسائي من إحدى المؤسسات يبدأ بالسلام مبدياً رغبته في الكلام حول موضوع مهم؛ وبعد كلمة تفضلي، سرعان ما أبانت عن رغبة المؤسسة التي تعمل بها في عرض وظيفة علي للعمل فيها، فأخبرتها بأنني كنتُ ومازلتُ موظفاً في شرطة دبي.
قالت المتحدثة: نعلم ذلك .. ولكننا نأمل أن تستمع لعرضنا، ولك الخيار ..
ذهبت إلى مقر الجهة المعنية وكان هدفي الأول والأخير لا يتجاوز حب الفضول والاستطلاع، وهناك ـ في تلك المؤسسة ـ رحبت بي المسؤولة عن تنمية الموارد البشرية، واستفسرت عن بعض الجوانب التي تمسّ حياتي الشخصية ومؤهلاتي العلمية وخبرتي العملية، ثم وجهت لي السؤال الآتي، قالت: ما رأيكَ في العمل معنا ؟
رددت باختصار، قائلاً: «أنا ضابط، وقد حصلتُ على درجة الماجستير من الولايات المتحدة الأمريكية برعاية كريمة من المؤسسة الأمنية التي أعمل بها، لذلك لا أعتقد ـ إطلاقاً ـ بأنني قادر على نكران الجميل لجهة أكنّ لها كل الولاء، فقد رعتني مذ كنتُ يافعاً ـ وبعد حصولي على الثانوية العامة ـ وهي مستمرة في نهجها ورعايتها لي حتى الآن، وأعتقد أنها لن تتخلى عني غداً أو بعد غد؛ لأنها مؤسسة رائدة وطموحة بكل معنى الكلمة .. وعليه، فاسمحي لي بالقول، وبكل صراحة: أدباً وأخلاقاً – لا أستطيع».
قالت: لو كنت مكانك لقلتُ ما قلتَ!
بعد هذه الحادثة بأشهر أرسلتني شرطة دبي لاستكمال دراستي العليا وتحقيق حلم الطفولة بأن أصبح دكتوراً يوماً ما.
قد تكون الواقعة حدثت منذ سنوات، ولكنها تتكرر يومياً أو بصورة شبه يومية هنا وهناك – وربما يعارض البعض ممن يبحثون عن العرض الأفضل الذي يمنحهم ميزة آنية، أو بعض الثمار المستقبلية- ومع احترامي التام لوجهة نظر هذه الفئة؛ فإن لي رأياً آخر: إن العرفان بالجميل وحتمية الاعتراف بفضل صاحب الفضل يجب أن يكونا مقدمين على ما سواهما، وأنا شخصياً مازلت مؤمناً بأن قراري في ذلك اليوم كان صائباً وحكيماً، على الرغم من أن العرض كان مغرياً.
المهم، اسمحوا لي بأن أنصح الجميع، وأنصح نفسي ـ أيضاً ـ بأن نتبع الحكمة العربية التي تقول: «الحكمةأن تعرف ما الذي تفعله؛ والمهارة: أن تعرف كيف تفعله؛ والنجاح هو أن تفعله».
نراكم على خير بعد ثلاثة أسابيع ـ إن شاء الله ـ وذلك بعد العودة من «مهمة عمل» إلى إسبانيا وفنلندا.
المصدر: صحيفة الرؤية