كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
تحدثت الأسبوع الماضي عن متعلقات الحاكمة الهندية البيجوم نواب إسكندر والمناضل الأمريكي مايكل إكس، ومذكراتها عن الحج التي عرضت في معرض الحج قلب الإسلام، الذي أقيم بنجاح باهر في المتحف البريطاني قبل أشهر عدة.
كانت هناك مذكرات أو يوميات أخرى في المعرض، لشابة بريطانية من أصل هندي، صاغت مشاعرها لحظة بلحظة في رحلة الحج الكفيلة بهز المسلم وإعادة تركيبه من جديد، شاركت تلك الشابة في برنامج تلفزيوني سجل رحلتها، ولكن هي الأخرى سجلتها في دفتر صغير بعبارات جميلة.
يجب أن نفعل ذلك، في الحج أو العمرة، هناك من سجل انطباعه الأول لحظة رأى الكعبة الشريفة لأول مرة، ابحث عنهم في جوجل، نحن الآن نودّع شهر رمضان، وبين رمضان والكعبة علاقة، كثيرون يفطرون بينما يرقبون الكعبة والحرم في تلفزيونهم، سعداء الحظ من يعتمرون في رمضان، وأول العمرة الطواف، تتقدم نحو صحن الحرم، تمضي وسط الحشود من حولك، لا ترى غير ظهورهم وتسمع تسبيحهم، لو جلت بعينيك لا ترى غير الأعمدة، في البداية الأعمدة الأسمنتية الجميلة في العمارات السعودية المتعاقبة، ثم أعمدة الحرم الحجرية المختمرة بأنسام الصالحين على مدى مئات السنين، وأدعو الله ألا تزال، ثم فجأة تبدو لك الكعبة، تقف، تتسمر، البعض تنهال دموعه في صمت بينما يبحث عن الدعاء المناسب، تتذكر بعض العبارات، تسعفك زوجتك بدعاء حملته معها بعناية «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أعوذ برب البيت من الكفر والفقر ومن عذاب القبر وضيق الصدر، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم زد بيتك هذا تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة ورفعة وبراً، وزد من شرفه وكرمه وعظمه من حجه أو اعتمره تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة ورفعة وبراً».
لا تقلق إن ضاعت عليك الكلمات، فليس ثمة حديث مأثور صح عن النبي عليه الصلاة والسلام لحظة لقاء الكعبة، إنه لقاء محبين وليس مجرد رؤية، لذلك تنهال الدموع، شخصياً أريد أن أتذكر لحظتها، الدعاء بثبات الإيمان وانشراح الصدر، فما من لحظة تشعر فيها بالله كأنك تراه مثل تلك اللحظة، وما من لحظة ينشرح فيها صدرك فتتمنى أن تبقى كذلك مثل تلك اللحظة.
اكتب خواطرك، انشرها فثمة من فعل ذلك قبلك، من أجمل ما وجدت تجربة شابة وقّعت مقالها باسم «سماء»، ونشرته في موقع الداعية الشهير عمرو خالد، تقول: «دخلت من باب الحرم.. لم أكن أرى الكعبة.. لكني أرى الليل في نهاية الممر المؤدي لصحن الحرم.. يا لجمال الليل في هذا المكان.. لم أره من قبل بهذا النقاء وتلك الروعة.. واقتربت أكثر.. وأكثر.. وعندها اتسع مجال الرؤية لأكتشف أن ما كنت أعتقده سواد الليل هو في الحقيقة سواد كسوة الكعبة الشريفة.. هو سواد لم أره من قبل.. وأين يمكن أن أرى سواداً يشع نوراً؟ نسيت كل ما أعددته من أدعية للحظة رؤية الكعبة.. ووجدتني أدعو بأدعية لم تخطر على بالي وكأن الله تعالى وهو أدرى بما أريد وفقني لأدعو بما أريد حقاً.. ووجدتني في الطواف والسعي أدعو نفس الدعاء.. وما زلت أدعوه ، اللهم ارض عنا وأرضنا».
ثمة كثيرون غير سماء سجلوا خواطرهم، ابحثوا عنها في لحظة صفاء، وخلوة، أو بجوار حبيب، اقرأ عليه بصوت عالٍ،
ثم قل، تجي نروح مكة؟
المصدر: مجلة روتانا