ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
حياتنا قصص، ولهذا نحبها، ونستمع بعفوية مطلقة لراويها، وما أروع الرواية عندما يكون الحبيب المصطفى عليه أشرف الصلوات مبشراً فيها، إذاً دعونا نقرأ: عن أَبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِبِلاَلٍ: «يَا بِلاَلُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلاَمِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ – حركة النعل وصوته على الأرض – نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أرْجَى عِنْدي مِنْ أَنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ طُهُوراً فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أنْ أُصَلِّي» [متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري].
دعونا نتمعن قليلاً في عمل الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه، هل كان خارقاً للعادة؟ أم كان صعب المنال حتى لا يصل إليه إلا النخبة؟ بالطبع لا، هذا العمل لا يستغرق منك إلا 5 – 8 دقائق فقط، وتكون قد أديت عملاً من أعمال أهل الجنة. السر يكمن بأن بلالاً، رضي الله عنه، كان «متميزاً» سبق غيره بعمله البسيط هذا، وكانت البشارة «الجنة»، وهنا الدرس: لا يهم العمل بسيطاً كان أم كبيراً، فقط «بادر بتميز».
ولأن قصص الأولين لا تُملّ، دعونا نقرأ هذه القصة، والتي من روعتها كل ما قرأتها تخيلت نفسي أعيش أحداثها: حين كان في الشام، رأى بلال النبي صلى الله عليه وسلم، في منامه، وهو يدعوه لزيارة المدينة، وزيارة المسجد النبوي، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتبه حزيناً، وركب راحلته، وقصد المدينة، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يبكي عنده، ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: يا بلال! نريد أن نسمع أذانك، ففعل وعلا السطح ووقف، فلما أن قال: الله أكبر، الله أكبر، ارتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ازدادت رجتها، فلما قال: أشهد أن محمداً رسول الله، خرج الناس رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، وقالوا: بعث رسول الله، فما رؤي يوم أكثر باكياً ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك اليوم.
ألم تشعر بأحداثها؟ وتمنيت لو كنت معهم في هذه اللحظات تعيش أجواء المدينة، وصوت بلال يصدح بالأذان لأول مرة بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
فقط أضيف معلومة بسيطة قد يعلمها البعض ويجهلها الآخر، وهي: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة مؤذنين: بلال بن رباح، وابن أم مكتوم بالمدينة، وسعد القرظ بقباء، وأبو محذورة بمكة. سؤالي: لماذا نعرف كلنا، صغيرنا وكبيرنا «بلالاً»، ويجهل أغلبنا باقي المؤذنين عليهم رضوان الله؟ الجواب: لأن بلالاً، رضي الله عنه، كان «متميزاً».
نختم المقال بهذه المقولة السهلة التي تعبر عن حال هذا الصحابي الجليل، وحتى نرفع شعار «كُن بِلالاً».
المصدر: صحيفة الرؤية