محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"
من منكم يستطيع أن ينورنا متى أصبحت كرة القدم بمثابة حياة أو موت؟ ومتى اختزلت الوطنية في لعبة الكرة؟
في أي لحظة تاريخية تحولت كرة القدم إلى مناسبة للفوضى والكره والسب والاختلاف وزرع الفتن بين الأشقاء.
يشعر الكثير من الخليجيين هذه الأيام بالاستياء على ما يحدث في دورة كأس الخليج، ليس بسبب المستوى الفني للمنتخبات ولكن في ما يحدث فيها من تعليق أثناء المباريات، وما تتبعه بعدها من حرب كلامية سخيفة في برامج التحليل الرياضي والفتن المقصودة وغير المقصودة التي تزرع في الجماهير.
الغاية من بطولة كأس الخليج في انطلاقتها الأولى في مملكة البحرين العام 1970، كانت في المساهمة في تعزيز التعاون والروابط الأخوية بين الأشقاء، وكم شدوْنا جمعينا، في فترات انعقادها وبصوت واحد مفعم بالحب والإخلاص «أنا الخليجي .. خليجنا واحد.»
وكم كنا نفرح ونشجع كل نجوم البطولة، بغض النظر عن البلد الذي ينتمون إليه، وطبعاً كنا نصاب بخيبة أمل، عند خسارة منتخبنا، ولكننا أبداً لم نكره المنتخب الفائز، ولم نتمن زوال كل من ينتمي إليه، أو نعتبر كل مواطنيه أعداء لنا، غايتهم تدميرنا، ومحونا من على خارطة العالم.
لم نصب أبداً جل وطنيتنا في مجموعة لاعبين يتنافسون على لقب غال على قلوبنا، ولكنه بالأخير لقب رياضي لا نسبغ عليه ألقاباً أكبر من حجمه.
أما اليوم فكأس الخليج باتت ميداناً للاقتتال، وصار الفوز والخسارة لا يقتصران على المستطيل الأخضر، بل يتعديانه ليتغلغلان في حياة كل من ينتمي إلى المتنافسين، وينصح بشدة بعد كل مباراة بعدم سفر مواطني الفريق الفائز إلى بلد المنتخب الخاسر تجنباً للمعاملة السيئة التي تنتظرهم بدءاً من المطار، حيث ستختفي الابتسامات وستظهر القسوة في المعاملة، مروراً بالشارع حيث العبوس عنوانه، ولهم ألا يتعجبوا إذا بدأ الأطفال برميهم بالحجارة، ولن يسلموا من الاتهام بالاشتراك في جريمة خسارة منتخبهم.
تداخلت عوامل عدة، في تأجيج الكره بين أبناء مجلس التعاون الخليجي، بسبب بطولة كأسها، فالإصرار المتعمد من قبل مقدمي البرامج الرياضية في استثارة المحللين، وبدء مباريات حوارية بعد انتهاء المباريات الرياضة، وهذه المرة بمهارة الكلمات المستفزة المنتقاة بعناية، لينبري بعدها كل محلل للدفاع عن منتخب بلاده، بعاطفة جياشة تنسيه اللباقة وتدفعه دفعاً لمهاجمة الآخرين لإثبات وجهة نظره، وما تنشره بعض الصحف من مانشيتات لا غرض من ورائها سوى توجيه الإهانات، ما يؤدي إلى غياب الوعي الرياضي عن الجيل الجديد من الشباب، وترسيخ ثقافة مهاجمة بعضهم بعضاً، بلغة قبيحة وبشعة.
بطولة كأس الخليج لم يعترف بها الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد، والخليجيون بسببها يتفرقون ويبتعدون عن غايتها التي أنشئت بسببها أكثر وأكثر، نتمنى من السيد بلاتر أن لا يسعى للاعتراف بها حتى ينصلح الحال.
المصدر: صحيفة الرؤية