للألعاب الأولمبية تاريخ غني بالإنجازات الرياضية الملهمة، واللحظات المثيرة للجدل، لكنها لم تنجُ من مزالق السياسة، وتوترات الحرب الباردة، حيث استخدمها البعض كأداة للضغط على الخصوم، والاستفادة منها في قضايا الحقوق المدنية، ولم تنجُ هذه الرياضة أيضاً من فضائح المنشطات وغيرها.
ومع ختام دورة الألعاب الأولمبية، هذا الحدث الرياضي الدولي المهم، في ريو دي جانيرو، بالبرازيل، التي عقدت من 5 ــ 21 أغسطس، نعود بالذاكرة إلى الوراء لنستعرض أحداثاً صنعتها الألعاب الأولمبية، لكنها غيرت مجرى التاريخ الى الأبد، وتركت انطباعات عميقة على العالم ودورة الألعاب الأولمبية في الوقت الراهن.
دورة باريس ــ 1900: أول مشاركة للإناث في الألعاب
لم يكن مسموحاً للنساء أبداً بالتنافس في دورة الألعاب الأولمبية حتى دورة ألعاب باريس في عام 1900، عندما استطعن من خلال مشاركتهن في التنس والغولف تأمين مكان لهن في هذه اللعبة العالمية، واستطعن بعد ذلك أن يشاركن في ألعاب اخرى. وتعتبر دورة لندن 2012 معلماً جديداً بارزاً عندما شهدت هذه الدورة للمرة الأولى الملاكمة النسائية.
برلين ــ 1936: أوينز يحطم الأرقام
استطاع الرياضي الإفريقي – الأميركي جيسي أوينز أن يحطم الأرقام القياسية، ويحصل على ميداليات ذهبية عدة، ما بدد آمال الزعيم النازي، أدولف هتلر، الذي كان يسعى لاستخدام ألعاب 1936 كدليل على حجته بتفوق الجنس الآري. وصادق أوينز في وقت لاحق منافسه الألماني في الوثب الطويل، لوز لونغ، وأصبحت هذه الدورة، التي أطلق عليها «دورة الشرف» رمزاً لانتصار الروح الرياضية على الأيديولوجية النازية. وقرر هتلر في نهاية المطاف عدم مصافحة العداء الأميركي أوينز، لأنه «أسود»، ولأنه تفوق على الألماني. وأثارت هذه اللقطة انتقادات واسعة، بعدما اتهمت الأسرة الدولية هتلر بالعنصرية.
لندن ــ 1948: رياضيو الكراسي المتحركة يستطيعون المنافسة
ابتكر الطبيب الإنجليزي، لودفيغ غوتمان، تسهيلات تساعد قدامى المحاربين والجرحى في الحرب العالمية الثانية من المشاركة والمنافسة في الألعاب الدولية، ما يساعد بالتالي على إعادة تأهيلهم نفسياً وجسدياً. ولهذا الهدف ابتكر هذا الطبيب كرسياً متحركاً لهؤلاء الرياضيين، حيث أصبحت هذه المنافسة في ما بعد تُعرف بالألعاب البارالمبية الحديثة.
روما ــ 1960: الألعاب للمرة الأولى على الهواء مباشرة، وبداية الفضائح
تعتبر ألعاب روما 1960 أول العاب أولمبية يجري بثها حية من خلال التلفزيون، وتضمنت دعم الرياضيين للعلامات التجارية، وأذنت هذه الدورة ببدء عهد جديد للجمع بين الأنشطة الرياضية والنشاط التجاري، وغيرت الطريقة التي ينظر بها العالم للرياضيين الأولمبيين. وكشفت الألعاب أيضاً عن الجانب السلبي للمنافسة مع ظهور أول فضيحة لاستخدام المنشطات، ما كشف المدى الذي يذهب اليه بعض الرياضيين من أجل جلب الذهب لبلادهم.
ميونيخ ــ 1972 والقضية الفلسطينية
هدّدت الدول العربية والإفريقية بمقاطعة الأولمبياد إذا شاركت فيه «روديسيا» العنصرية التي أصبحت «زيمبابوي» بعد استقلالها 1980. وخلال الدورة نفسها قام أفراد من منظمة أيلول الأسود الفلسطينية بعملية ميونيخ التي احتجزوا فيها أفراداً من الفريق الأولمبي الإسرائيلي كرهائن، وقام الفدائيون في النهاية بقتل 11 رياضياً إسرائيلياً، وذلك بعد أن فشل التفاوض بين الفدائيين والسلطات الألمانية على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، قضى تسعة منهم خلال عملية الإنقاذ الفاشلة التي قام بها الألمان، بالإضافة إلى ضابط شرطة ألماني.
مونتريال ــ 1976: مقاطعة الدول الإفريقية
كانت حقوق الإنسان في طليعة دورة مونتريال، بعد أن قاطعتها 22 دولة إفريقية بسبب مشاركة نيوزيلندا. وكانت ايرلندا في وقت سابق من هذا العام، أثارت غضب البلدان الإفريقية عندما أرسلت فريق لعبة الركبي الوطني للمشاركة في دورة رياضية في جنوب إفريقيا، عندما كانت جنوب إفريقيا تحت نظام الفصل العنصري. وتعتبر هذه هي المقاطعة الأولى من نوعها للألعاب الأولمبية من مقاطعات عدة ذات دوافع سياسية.
موسكو ــ 1980: أميركا تقاطع وتستضيف مباريات بديلة
مع هيمنة أجواء الحرب الباردة، في ذلك الوقت، فوق سماء القوتين العظميين، حث الرئيس الأميركي حينها، جيمي كارتر حلفاء الولايات المتحدة على سحب فرقهم الأولمبية من دورة موسكو احتجاجاً على الغزو السوفيتي لأفغانستان. وصرح كارتر بأن الولايات المتحدة لن تشارك في دورة الالعاب الاولمبية هذا الصيف، وبدلاً من ذلك استضافت دورة لبرتي بيل كلاسيك في فيلادلفيا، باعتبارها منافسة بديلة للرياضيين من الدول الداعمة للمقاطعة.
برشلونة ــ 1992: فريق الأحلام يسحق منافسيه
شهدت دورة برشلونة مشاركة أول فريق كرة سلة محترف في الألعاب الأولمبية عندما شارك الفريق الأميركي للرجال والملقب بـ«فريق الأحلام»، الذي يضم أكبر الأسماء في كرة السلة، مايكل جوردان، وتشارلز باركلي، وباتريك يوينغ، وغيرهم. وسحق الفريق جميع منافسيه خلال سيره نحو المباراة النهائية، حيث استطاع الفوز بكل المباريات الثماني، وهزم في نهاية المطاف كرواتيا ليعود للوطن بالميدالية الذهبية. وحتى اليوم، يعتبر فريق الأحلام على نطاق واسع بأنه أعظم فريق في أي وقت مضى في أي رياضة.
سيدني ــ 2000: الكوريتان تتحدان للمرة الأولى
في لحظة قصيرة الأجل من التحالف بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، سار فريقا الدولتين للمرة الاولى في التاريخ جنباً إلى جنب في حفل افتتاح الدورة في سيدني. وبدلاً من حمل الأعلام الوطنية لكل منهما، ارتدى فريقا الكوريتين زياً موحداً، وأمسكا بأيدي بعضهما ورفعا راية موحدة تعرض خريطة زرقاء لكوريا.
أثينا ــ 2004: تصحيح تصميم الميدالية
تم توزيع ميدالية جديدة للفائزين في أولمبياد أثينا، لتحل محل تصميم قديم ابتكره النحات الإيطالي، جوزيبي كاسيولي، والتي تصور الكلسيوم الروماني بدلاً من منظر معين في اليونان. وتصور الميدالية الأولمبية الآن ملعب باناثينايكو في أثينا، وهو واحد من أقدم الملاعب في العالم، وموقع أول دورة للألعاب الأولمبية الحديثة في عام 1896.
التلميذ ينافس أستاذه في ألعاب «ريو 2016»
لم يكن السباح السنغافوري جوزيف سكولينغ يعتقد بأنه سينافس في يوم من الأيام مثله الأعلى الأسطورة الأميركي مايكل فيلبس، الذي التقط معه صورة قبل ثماني سنوات، لكن الغريب هو أن التلميذ تفوق على الأستاذ، وتمكّن من إحراز الذهبية في إحدى منافسات السباحة.
المصدر: الإتحاد