خبير اقتصادي عالمي
نجحت اليونان ومنطقة اليورو في تجنب أزمة جديدة، مؤخرا؛ فبعد مفاوضات مكثفة، نجحوا في التوصل لاتفاق – من حيث المبدأ على الأقل – حول تمديد لمدة 4 أشهر لبرنامج التمويل الخارجي الذي يدعم جهود الإصلاح والتعافي الاقتصادي بالبلاد.
من جهتها، احتفت الأسواق المالية بالخبر، ولم يمر وقت طويل قبل أن يخرج بعض المفاوضين ليعلنوا انتصارهم، رغم أن الجانبين طرحا وجهتي نظر متنافستين (وإن كان يظل من الممكن التوفيق بينهما).
وبدلا من تحقيق إنجاز حاسم، يعد الاتفاق بمثابة خطوة صغيرة في خضم عملية معقدة. وبدأ اختبار هذا الاتفاق لإظهار مدى قوته عندما يصبح لزاما على اليونان طرح قائمة بالسياسات التي تنوي إقرارها للموافقة عليها من جانب وزراء مالية منطقة اليورو.
إلا أن هذا الإقرار لا يعدو كونه واحدا من التحديات التي تواجه اليونان، قبل أن تتمكن بصورة مستديمة من إعادة تنظيم علاقاتها بشركائها الأوروبيين وتعزيز عضويتها بمنطقة اليورو.
وبمجرد تغلب اليونان على عقبة اليوم، سيخضع الاتفاق للموافقة من جانب برلمانات كثير من الدول الأعضاء بمنطقة اليورو. والمؤكد أن هذه المناقشات السياسية ستتسم بالحماس وستكشف النقاب عن رأيين متعارضين حيال السبيل نحو المضي قدما.
داخل بعض البرلمانات – خاصة برلماني ألمانيا وفنلندا، بجانب بعض الدول الدائنة الأخرى – ينصب الاهتمام الرئيس حول ما إذا كانت منطقة اليورو أذعنت مجددا لضغوط اليونان. وتعتمد مثل هذه المناقشات على وجهة نظر ترى أن اليونان دولة مبذرة وتأبى العيش في حدود مواردها.
داخل دول أخرى، خاصة اليونان، يتركز القلق على أن يتحول أي اتفاق جديد لمجرد صياغة جديدة للشروط المتقشفة القاسية التي يعتبرها كثيرون السبب وراء انتشار الفقر وإعاقة التعافي الاقتصادي وخلق الوظائف وتحقيق الرفاه.
ولا شك أن الفترة المقبلة تحمل مخاطر كبيرة لأن رفض برلمان وطني واحد للاتفاق قد يعوقه على المستوى الأوروبي بأكمله.
وتعكس الصعوبة المحتملة التي ستواجهها المناقشات البرلمانية وجود غياب حقيقي للثقة، الأمر الذي تفاقم جراء صدامات شخصية، خاصة بين مسؤولين ألمان ويونانيين، وتبادل إلقاء اللوم في العلن.
ويعوق هذا التراجع في مستوى الثقة جهود التوفيق بين الآراء، الأمر الذي يعد أساسا مهما لخلق رؤية مشتركة للمستقبل. كما أنه يضر بوجه خاص بجهود التوصل لتوجه عملي، ما يعتمد بالضرورة على خطوات لبناء الثقة.
وعليه، فإنه رغم ضرورة الاتفاق المشار إليه، فإنه يبقى غير كافٍ. كما أن تركيزه على الإبقاء على تدفق الأموال الأوروبية الرسمية على اليونان لحين التوصل لاتفاق شامل حول المزيج المعقد والمثير للجدل من إجراءات التقشف والإصلاحات الهيكلية وتخفيف الديون، يعد مهما لكنه ضيق الأفق.
ومن المتوقع أن تصبح الصعوبة أكبر بكثير في التغلب على التحديات الكبرى المقبلة بخصوص تسوية الأزمة اليونانية.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
المصدر: الشرق الأوسط
http://aawsat.com/home/article/300431/