كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
مع اندلاع الحروب اعتاد لصوص الآثار أن ينشطوا لنهب أكبر قدر ممكن من آثار الأماكن المضطربة كما حدث في العراق عام 2003، وكما حدث في مصر بعد الثورة، وما يحدث في سورية اليوم وغيرها من بلدان.
لا تتوقف أضرار الحرب على تدمير الإنسان بل تقضي على كل شيء، وتكبر المشكلة حين يكون البقاء في الحكم لدى النظام القائم أهم من الإنسان والمكان، فلا يكتفي بالتخلي عن حماية شعبه وتاريخ دولته بل يسهم في تدميرهما بآلته العسكرية، وهذا ما فعله النظام السوري، فاعتقل وقضى على مئات الألوف من البشر وهجر الملايين من بيوتهم، وقصف المواقع الأثرية والأسواق التاريخية، وعندما ظهر ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” ترك لهم جزءا من المهمة غير الأخلاقية.
فخلال الشهور الماضية تواترت الأخبار عن نهب الآثار السورية في كثير من المواقع التاريخية، وتفيد المعلومات بأن عناصر “داعش” و”جبهة النصرة” استولوا في بلدة معلولا قرب دمشق على التحف الموجودة فيها وقت سيطرتهم عليها، وأجروا عمليات تنقيب غير قانونية عن الآثار في مواقع أخرى بحسب رئيسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا التي حذرت حينها صالات المزادات والمتاحف من هذه المشكلة.
“داعش” في كل مكان خضع لسيطرتها في سورية مارست أعمال نهب الآثار، فأصابع الاتهام تتوجه إليها في سلب آثار موقع مملكة ماري في مدينة البوكمال على الحدود العراقية، وفي مدينة الرقة تحدث نشطاء محليون في نوفمبر الماضي عن حوالي مئة مسلح من عصابات “داعش” اقتحموا قصر “هرقلة” العائد إلى أواخر القرن الثامن الميلادي أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد، ويقع غرب المدينة، وسرقوا محتوياته من المستودعات – وهي مخفية حرصا من مديرية الآثار والمتاحف – ووضعوها في شاحنات ونقلوها إلى جهة غير معروفة.
فحين تنهب خلال دقائق حصيلة عقود طويلة من عمليات التنقيب العلمي عن الآثار بإشراف خبراء عالميين، فتلك كارثة ليس على المنطقة وإنما على التاريخ البشري، وتلك أيضا جريمة بحق الهوية، فإعادة لمّ المسروقات بعد انتهاء الأزمة السورية ليس بالأمر السهل، وإن استعيد بعضها فلن تعود كلها إلى موطنها الأصلي. ولا بد من تعاون بين الدول والمنظمات العالمية كاليونسكو للقبض على كل من يبيع قطعا أثرية منهوبة من أي مكان في العالم، ولصوص الحروب الذين ينشطون وقت الفوضى يجب أن تتم ملاحقتهم حتى يرتدع غيرهم ممن قد تسول لهم أنفسهم أفعالا مماثلة.
المصدر: الوطن أون لاين