كاتب وصحفي سعودي
التقيت شخصية قيادية ناجحة ومحبوبة قبل شهور عدة في مطار. كان لقاء لم يستغرق أكثر من نصف ساعة. لكن ما زال هذا اللقاء يسكنني ولم يغادرني منذ ذلك اليوم؛ ليس بسبب كاريزما هذا الشخص، وإنما إثر ما قام به خلال هذا اللقاء. فور أن التقاني بادر بالترحيب بحرارة وسألني أن أشرب معه الشاي إذا كان لديّ متسع من الوقت. تجاوبت مع طلبه كوني أكنُّ تقديرا كبيرا لهذه الشخصية. ومن فرط إعجابي به كنت على استعداد للتضحية برحلتي حتى أجلس أطول وقت ممكن معه. فلا يتاح لي كل يوم فرصة أن أتحاور مع قامة بهذه المكانة والقيمة. فور أن استويت على مقعدي بجواره باغتني بسؤال عن رقم جوالي. منحته رقم جوالي بكل سرور وأنا أهتف: إذاً أصبح صديقي. سيتصل عليّ وأتصل عليه. سنتبادل الرسائل. وفي عز بهجتي انشغل عني بجواله. أخذ يكتب ويكتب. يكتب ويفكر. يكتب ويبتسم إلى الجهاز متجاهلا إياي تماما. شعرت بخيبة أمل. كيف يتجاهلني بهذا الشكل؟ إذا كان مشغولا ولا يفضل الجلوس معي، لمَ طلب مني أن أجلس معه، لمَ لم يصافحني على عجل ويدعني أغادر؟ عاتبتُ نفسي لأني تجاوبت مع طلبه فورا، فربما كانت مجاملة منه لم أنتبه لها في غفلة نشوة فرحتي بلقائه. قطعت أسئلتي رسالة وصلت إلى جوالي. أنقذتني من التحديق في الفراغ وانتزعتني من دوائر الأسئلة التي التفت حول عنقي. كانت المفاجأة أن الرسالة هطلت من الشخص الذي يجلس أمامي، الذي كنت أشعر بالغضب منه. كتب لي فيها: “سعدت بلقائك جدا. ووددت أن أوثق مشاعري برسالة نصية لا تذرها الرياح عندما تذهب من أمامي. أرجو ألا تبخل عليّ برسائلك وصوتك كلما سنحت لك الفرصة”. قرأتها وابتسمت له. هنأت نفسي ولسان حالي يقول بزهو: لقد كان مشغولا بي. شكرته بسخاء. استمر تواصلنا حتى اليوم. والأهم من هذا التواصل أنني عرفت أحد أسرار هذا الرجل وهو مهارات اتصاله وتواصله مع من حوله. لقد حولني لا إراديا إلى مشجع أهتف باسمه في كل مجلس. أردد على مسامع الجميع ما فعله معي بحبور. ولم يكتف بذلك بل واصل تواصله بين الحين والآخر برسالة خاصة تعكس ذكاءه واهتمامه بمن حوله.
إن هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تشكل الفروقات بين الأشخاص. كلما استطاع الشخص أن يعزز تواصله مع الآخرين بذكاء وحب؛ أسرهم ونال دعمهم سواء الذي يعلم عنه أو الذي لا يعلم.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/01/08/article_920983.html