رغم أن عيوننا تحمل التكوين نفس، حدقة وبؤبؤ وشبكية وقرنية وشعيرات، إلا أنها لا ترى سوى «الهوى» الذي يعنيها.
التاجر يراك زبوناً، البنك يراك عميلاً، سائق الحافلة يراك راكباً، الطبيب يراك حالة، وشرطي المرور مخالفة، وجرسون المقهى «بغشيشاً»، والمدير يراك راتباً كبيراً وعبئاً ثقيلاً، الديكتاتور يراك متمرّداً، الحكومات تراك رقماً في التوظيف أو الضريبة.. كل العيون تراك على منفعتك ومضرّتك.. لا أحد ينظر إليك على أنك إنسان وحسب.
إجلاء أكثر من 60 ألف شخص في فرانكفورت من أجل قنبلة، وفي سورية تلقى القنابل على أكثر من 60 ألفاً بين امرأة وطفل وعجوز دون سابق إنذار.
**
في ألمانيا اضطرت السلطات هناك لإجلاء أكثر من 60 ألف شخص من فرانكفورت لتقوم بتفكيك قنبلة ضخمة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، كل من توقعت أن يؤذى أو يُزعج أو يُصاب أو يمسّه سوء في حال فشل تفكيك تلك القنبلة القديمة المتهالكة تم إبعاده عن المنطقة حفاظاً على سلامته.. وبالفعل نجح خبراء المتفجرات في تفكيك القنبلة وإبطال مفعولها، حسب المتحدث باسم الشرطة الألمانية، وعاد السكان إلى أماكنهم.
إجلاء أكثر من 60 ألف شخص في فرانكفورت من أجل قنبلة، وفي سورية تلقى القنابل على أكثر من 60 ألفاً بين امرأة وطفل وعجوز دون سابق إنذار أو تحذير أو ذنب يذكر.. هنا تتضح المفارقة بين شرح «الإنسان» في مفهوم الدول المتقدّمة ومفهومنا نحن.
مارتن لوثر كنغ خطب قبل أكثر من نصف قرن خطابه الشهير «عندي حلم» مطالباً بإلغاء التمييز ضد السود في أميركا.. الحلم هناك دار في فلك الوعي، فتحرك أنصاره وطالبوا بحقوقهم، وذابت الفوارق تقريباً ونجحوا في انتخاب أول أميركي من أصول إفريقية «أوباما» قبل سنوات قليلة.. لقد تحقق الحلم.
ونحن أيضاً «عندنا حلم».. حلمنا العربي أن يعيش الإنسان بسلام، يشعر بقيمته العظمى، كصانع الإنجاز وهيكل الدولة، حلمنا العربي أن نعيش بأوطان تحبنا وتحترمنا، لا تخيّرنا بين الموت والتهجير.. عندنا حلم، وعندنا «300 مليون مارتن لوثر كنغ».. لكن ليس لدينا خطاب واحد وموحد!!
المصدر: الإمارات اليوم