نظم أخيراً مركز ويتني للدراسات الإنسانية Whitney Humanities Center أمسية للشاعر السعودي حاتم الزهراني، وذلك ضمن فعاليات «الحلقة العربية» التي يشرف عليها قسم لغات الشرق الأدنى وحضاراته في جامعة ييل الأميركية، وتعد هذه أول أمسية تستضيف شاعراً عربياً يقرأ نصوصه التي ترجمها إلى الإنكليزية الشاعر نفسه، وقرأها باللغة العربية، بينما قرأتها خريجة قسم الدراسات العربية في جامعة جورج تاون في أميركا الأستاذة ميلليسا مانيس باللغة الإنكليزية، وقدمت لها أستاذة الأدب العربي في جامعة ييل البروفيسورة بياتريس جروندلر.
وشهدت الأمسية أسئلة ذات وعي كبير بحركة الشعر العربي الحديث، وبعضها كان يتعلق بالشعر المحكي في الجزيرة العربية والسعودية تحديداً، أما بعضها فتناول موضوع نقل الشاعر أعماله من لغته إلى لغة أخرى، وتنوع حضور الأمسية من أساتذة وطلبة، إضافة إلى عدد كبير من أفراد الجالية العربية والسعودية في مدينة نيوهايڤن بولاية كونيكتيكت، كما قدم الشاعر الزهراني قصيدة «رياح جنوبية من شمال القلب»، وهي القصيدة التي ألقاها في مهرجان أمير الشعراء الثاني في أبوظبي عام ٢٠٠٨.
نص *
محملةً بالرضا،
بالأماني…
***
بتذكرة لا تسجل أسماءَ من ودعوكِ
لأن ملامحهم في مرايا الغيوم
وأصواتَهم بُـحةٌ في فراغ المكانِ…
***
بلاميّة خانت المتنبي،
بسوناتة لم تُـقبِّلْ نيرودا،
ببضع قصائدَ شعبيةٍ،
وكلامٍ تبوس يديه الأغاني…
***
بإصدارِنا الواقعيّ من الحلمِ كي نتوافق مع نهم الجدول الأمريكيِّ ومسطرة اليومِ في ييلَ،
…… أو سأقولُ:
أو سأقولُ: أقبِّل عينيك ثانيتين قبيل الخروج، وأنسى بوجهك قلبي.
أعود لآخذ قلبي معي فأقبّل عينيك عشر ثوانِ!
***
بدفتري الرقمي الذي لا يسجل إلا صوابي الأخير.
وخطي الحميمُ؟ معاركُ نفسي معي؟ نزوة الكلمات؟ تعرج خطِّ الكتابة؟
… لا شيء يتركه المرسَل الرقمي سوى وحي هذا الإله الفلاني!
***
بصورة وجهي الجديدِ «ولستُ مجازاً»،
بصورته يتمرن كل صباحٍ بمرآة عينيكِ كيف يمد ابتسامته للغيومِ
وكيف يطيّر بالونةً باتجاه الحنانِ…
***
وحين تعلمت الصلواتُ وصار اليقين مناسبةً للحديث عن الدالّ حين يحيل إلى نفسه،
قبضتُ على جمرة القلب، آمنتُ بالحب، وجَّهتُ نافورة للسماء :
«لقد رضي الله عن كل بنتٍ تذكِّرني بالعيون التي لستُ أنسى…
لستُ أنسى بأنّ شبيهاتها، في احتراق البكاء الذي لا يليق سوى بالرجال، تسرّبن من فتحات الدخانِ!»
***
وفي زمن الشعر «ليس زمانَ الرواية.
هذا كلامُ الذي حين أعجزه المعجمُ المتوسعُ في الهذيانِ البديعِ المكثّفِ جرّبَ عجن المعاني!»…
***
وفي زمن الشعر أسألها عن غيابي.
تقول: وماذا لديك؟
– وماذا لديّ إذا لم تكوني معي؟
لديّ الكثير:
لديّ
دمي ولساني.
* نص للشاعر حاتم الزهراني من الأمسية.
المصدر: الحياة