لماذا لا نكون مثلهم؟

آراء

أمس، في مترو باريس، وقد شاهدت آلاف الناس تنتقل من محطة لأخرى بكل انسيابية ونظام، تساءلت: لماذا لا نكون مثلهم؟ ما الذي ينقصنا لكي نبني طرقاً وسككا حديدية ومطارات منظمة نظيفة وعملية؟ وفي البرازيل، قبل أيام، وأنا أشاهد مساحات واسعة خصصت لحدائق وملاعب عامة، تساءلت أيضاً: لماذا لا يكون لدينا مثل هذه الحدائق وممرات المشاة والشواطئ الجميلة التي هي ملك عام لم تطالها «شبوك» أو أيد عابثة؟

أكثر ما أثارني وأنا أسأل هذه الأسئلة أن هذه البنى التحتية المتينة بُني أكثرها منذ عقود ومع الصيانة والرقابة والمتابعة، ما زالت تعمل بحيوية كما لو أنها بنيت أمس. حتماً أن من يبني بنية تحتية قوية، لا تطالها يد الفساد لا من قريب أو من بعيد، إنما يستثمر عملياً للمستقبل. وهذه الخدمات – من مواصلات وحدائق عامة – لم تعد تكلف خزينة الدولة إلا أقل القليل لأنها بنيت على نظام «التمويل الذاتي» الذي يجعل مستخدميها يشعرون فعلاً أنهم شركاء في تلك المنجزات ومعنيون بالحفاظ عليها.

وما زلت أسأل: بالله عليكم ما الذي ينقصنا كي تكون لدينا بنى تحتية متينة تكون لنا استثماراً في المستقبل وتذكرنا، بها، أجيالنا المقبلة بالخير؟ متى تكون هذه المشروعات عندنا مشروعات وطنية -لا تجارية – نتباهى بها لأنها عملياً منجزات تعد «مفخرة وطنية»؟ متى نرى خطوط سكة الحديد وقد ربطت الشرقية بالوسطى بالشمال بالغربية بالجنوب؟ ومتى نخطط لمشروعاتنا الوطنية من منطلقات «وطنية» خالصة بدلاً من اختزالها في نظرة «إقليمية» قاصرة تزيد الحنق ولا تخدم التنمية؟ ولماذا كلما سافرنا ورأينا كيف يتقدم العالم ويتطور نكرر سؤالنا الحزين: متى نكون مثلهم؟

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (٠٤-٠٧-٢٠١٢)