كاتب سعودي
تخصص بعض الشركات الكبرى في العالم، وليس الدول فقط، جزءا من ميزانياتها للعناية بموظفيها وموظفاتها رياضيا، من خلال فتح مراكز تدريب وتريض وتنفيذ برامج توعية، متعوب عليها، عن أهمية الرياضة وأثرها على الصحة، باعتبار أن صحة الموظفين العامة تعني صحة الشركة الخاصة وتعافي إنتاجية العاملين بها.
طبعا، هذا وعي متقدم عن وعينا الذي لا يزال يراوح عند نقطة الجدل حول رياضة البنات وإدخالها عنوة في حسبة (الأعراض) والمروءة وذرائع الفساد والإفساد. كأن البنت إذا لعبت رياضة بين زميلاتها داخل جدران النادي أو المدرسة سترتكب معصية أو تقع في الرذيلة ــ والعياذ بالله. وكأن هؤلاء الذين يقفون للرياضة النسائية بالمرصاد لا يرون فائدة صحية لها، كما هي فائدتها للذكور الذين تنشأ مراكز رياضاتهم وتطور على قدم وساق ورجل.
ولا أدري إن كانوا يعلمون أو لا يعلمون أن ظاهرة السمنة لدى بنات المملكة تتجاوز نسبتها ما لدى الأولاد؛ بسبب عدم تشجيع البنت في المدرسة والجامعة والنادي على ممارسة الرياضة. والسمنة ــ كما نعلم ــ من أشد أسباب نشوء الأمراض واستفحالها، بما يؤدي إلى خسارات مالية باهظة على التطبب، ويؤدي إلى خسارة عناصر بشرية يفترض أنها عناصر منتجة ومؤثرة في مسيرتنا.
ولذلك، أنا أعتبر رياضة البنات ضرورة وطنية وعنصرا من عناصر التقدم في بلادنا، ليس لأننا فتحنا نافذة صحية كانت مقفلة أمام البنات فحسب، بل لأن طول التردد في اعتماد الرياضة المدرسية للبنات وتطبيقاتها أدى وسيؤدي إلى تعطيل قدرات شابة تمثل قيمة مضافة إلى قوة العمل والإنتاج في المملكة. ورجاء، رجاء، يجب أن نكف عن هذه الاسطوانة التقليدية التي تنقلنا إلى شيء آخر كلما تحدثنا عن شيء محدد. أقصد أن يأتي من يقول ــ مثلا ــ تحدث عن توظيف البنات وشؤون المطلقات إلى آخره بدلا من حديثك عن رياضة البنات وضرورتها!!
أنا وغيري نتحدث عن كل شيء فيه مصلحة وطنية ومجتمعية في وقته، وبحسب إلحاحه وأهميته وتداوله بين الناس. كما أن مشكلات التوظيف ومعاناتها للجنسين لا تعني أن نعطل رياضة البنات، فكثير من الشباب بدون وظائف يذهبون للنادي كل يوم والطلبة الذكور لا يتوقفون عن لعب الكرة في مدارسهم، فلا تخلطوا عباس بدباس.. رجاء.
المصدر: عكاظ