كاتب متخصص في الإدارة
رغم الكم الهائل من النصوص العربية على الإنترنت فإن ذلك لا يشكل سوى 3 في المائة من المحتوى العالمي المدون فيه. والمفارقة أن العرب رغم أنهم يمثلون 5 في المائة من سكان المعمورة بعدد 360 مليون نسمة تقريبا (22 دولة)، إلا لغات أخرى لا ينطق بها سوى شعب واحد مثل اليابانية والألمانية قد تفوقتا على ما كتب بالنص العربي، مع أننا أكثر عددا منهم!
ومما أثار استغرابي أنه حتى النص العربي بمجمله الذي نحاول أن ندعمه بكتاباتنا يمثل 75 في المائة منه مساهمة دولة واحدة وهي الأردن! فيما يتوزع الباقي على الدول العربية بحسب، تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات [1]. والسبب يعود إلى مساهمة الجامعات وغيرها من المؤسسات بطريقة ممنهجة أسهمت في نشر المعرفة على الإنترنت. ومن هذا المنطلق أطلق العاهل السعودي الملك عبد الله مبادرة رائدة لإثراء المحتوى العربي على الإنترنت من خلال التعاون مع الجهات العلمية المعنية، حيث ترجم نحو ألفي مقال مميز من الإنجليزية للعربية في مجالات عدة ليتم نشرها في موسوعة ويكيبيديا التي يقرأها ملايين الزوار. كما أطلقت المبادرة أيضا مشروعا آخر لترجمة مقالات مهمة إلى العربية وذلك من 12 لغة أجنبية. وأطلقت أيضا معجم الحاسوب التفاعلي. وتعد جميع هذه الإسهامات خطوات قيمة في هذا المجال.
وما محاولات كاتب هذه السطور المتواضعة ولا آلاف الكتاب غيره إلا محاولة جادة لإثراء المحتوى العربي عبر الكتابة. فالكتابة علاوة على أنها إحدى أهم وسائل التواصل الأربع، فهي مهمة سامية نحرص عليها لأنها يمكن أن تنشر الفكر المستنير، والأفكار الخلاقة، والمقترحات، والتجارب، فضلا عن الحلول لأكثر المشكلات المستعصية. ولم تبن أفضل الحضارات ولا العلوم إلا عبر الاستفادة من المنتج المكتوب للأجيال السابقة.
وقد دعاني في الأسبوع الماضي د. محمد المعتوق لإلقاء محاضرة في أكبر تجمع للمدربين بالكويت «الغبقة الرمضانية السابعة»، فاخترت موضوع «لماذا وكيف نكتب؟» لإيماني أن أمتنا إذا ما أرادت أن تنهض وتتقدم على المستوى الفردي والمؤسسي لا بد أن تقرأ ماذا فعل من سبقها، وتقرأ أفضل الأفكار والمقترحات العملية، وتتقبل النقد المكتوب مهما كان لاذعا. فلم يعد في عصرنا شيء اسمه «ناصحهم فاضحهم» فأسلوب دس النعامة رأسها في التراب عن الحقائق لا يبني بلدا ولا يطور فردا. ما نحتاجه هو أن نبحث عن ضالتنا فيما يكتب ونحاول جميعا أن ندون أو نتناقل كل ما من شأنه رفعة أمتنا وتطويرها.
ومن هذا الباب، أوجه عميق شكري إلى كل جامعة، وصحيفة، وباحث، ومدون، وكاتب رأي، ممن يحاولون إثراء فضاء الإنترنت بالنص العربي النافع الذي يقدم ولا يؤخر والذي يبني ولا يهدم والذي يشجع ويشيد ولا يبكي على اللبن المسكوب. وقبل هذا وذاك أوجه شكري لكل قارئ ومنهم بعض المسؤولين الذين رغم مشاغلهم المتزايدة فإنهم ما زالوا يصرون على أن يخصصوا وقتا لقراءة ما يفيد علهم يجدون فيما نكتب ضالتهم.
المصدر: الشرق الأوسط
http://aawsat.com/home/article/140641