لماذا يستقيل؟

آراء

فكرة الاستقالة من الوظيفة عند البعض منا مرتبطة غالباً بمشكلة. فما أن يستقيل مسؤول، صغيراً كان أو كبيراً، حتى يبدأ من حوله في السؤال: لماذا استقال؟ فالموظف -وفقاً لثقافتنا- لا يستقيل. فهو إما يُرفع لدرجة أعلى أو يقاعد (بناء على طلبة) أو يفصل. أما أن يبحث عن فرصة أخرى أو يكتشف أنه في المكان الخطأ أو يصيبه الملل ثم يستقيل فهذا أقرب للمستحيل. وما أن يستقيل أحدنا بحثاً عن فرصة أفضل أو لخوض تجربة جديدة حتى تدور حوله الأسئلة: كم سرق؟ هل طُرد من الوظيفة لأن «المعزب» غاضب منه؟ هل يُهيأ لمنصب أعلى؟

الوظيفة عند بعضنا -ناهيك عن المناصب الكبرى- مثل سجن لا تخرج منه إلا للمقبرة، بعد عمر طويل. وبعضهم تصل ثروته لعشرات الملايين، بالحق أو بالباطل، وهو متشبث بالوظيفة حتى آخر رمق! ولكن ماذا عن الإنسان الذي يتوق دوماً للتجديد والتغيير؟

أعرف صديقاً يحدد مدة وظيفته الجديدة بأربع سنوات على أكثر تقدير، لا يخاف المغامرة، مقتنع أن قدرته على العطاء والإبداع في المكان الواحد لن تتجاوز الأربع سنوات. متحرر من أسر الوظيفة. لكنه في نظر مجتمعه ليس سوى «لعوب»، «مقامر»، يتنقل من وظيفة لأخرى! لست هنا أشجع على الاستقالة عشوائياً أو تقليداً لتجربة صاحبنا. بل إن الاستقرار الوظيفي مهم جداً للأفراد والمؤسسات التي يعملون بها. غير أننا معنيون بإدراك أن أمزجة الناس ومناخات الإبداع لديهم متنوعة ومتفاوتة. فالاستقالة ليست عيباً. أما إن جاءت احتجاجاً على تردي الأوضاع أو اعتذاراً عن حالة تقصير فتلك «عملة نادرة» في ثقافتنا. ومن يقدم على هكذا خطوة حق له أن يُحمل فوق الرؤوس ويستاهل أن تُرفع له الرايات البيضاء وتٌنحر له خيار «المزايين»!

هل ثبتت استقالات مديري مستشفيات حائل وبقعاء؟ اللهم سمّعنا خيراً!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٦٧) صفحة (٢٨) بتاريخ (٢٧-٠٨-٢٠١٢)