كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
وسأبدأ جواب السؤال بعاليه، في العنوان، من زاوية النكتة الظريفة التي حدثت لصديق حياة عزيز. قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ذهب “صاحبنا” إلى أستوديو تصوير لالتقاط صورة شمسية لشهادة الثانوية العامة. وبعد يومين، عاد إلى الأستوديو ليأخذ “صورته” وعندما شاهدها دخل في جدل حاد مع المصور “اليمني”، متهما إياه بأنه لا يحسن التصوير وتم الصلح بينهما على إعادة التقاط صورة شمسية جديدة. وبعد يومين آخرين، أغار “صاحبنا” على الأستوديو، ومرة أخرى “هبَّ” في وجه المصوراتي بلغة أشد وأقسى قائلا له: “هذه أخسُّ من الأولى”. حاول المصور أن يقنع صاحبنا بجودة الصورة وحاوره بكل ما يملك من ذوق وأدب ولكن في نهاية الأمر لم يكن أمام “المصوراتي” من مخرج إلا الجملة القاسية: “يا أخي هذا وجهك بالضبط وهي خلقة الله ولا أستطيع لها تبديلاً”. يقول صاحبي: ضحكت كما لم أضحك من قبل في حياتي على هذا الجواب فما زالت جملته في أذني حتى اللحظة.
قصة صاحبنا مع صورة وجهه الشمسية هي قصة مجتمعنا مع كل حلقة من مسلسل “سيلفي” الذي نتابعه بشغف واستغراق عارم في الضحك ثم نعود مباشرة حين تنتهي الحلقة لشتمه لأنه يشوه الوجه. قلنا عنه إنه بالغ في تصوير تقابلية المذهبين رغم أننا للتو نخرج من سرادق العزاء لانفجارات مسجدين وحسينية. قلنا عنه إن هذا “السيلفي” لم يرسم فينا سوى صورة الدواعش ونحن المجتمع الوسطي المعتدل المتسامح، رغم أن السجون تضم اليوم ما يقرب من عشرة آلاف قاعدي أو داعشي، وأنه بالبرهان لا تكاد تخلو قرية أو حارة من سجين بالغ الخطورة. نتهم “سليفي” بتشويه وجه المجتمع وكأنه مجتمع يعيش تسامح الحدود ما بين سويسرا والنمسا رغم الحقيقة أن الجهات الأمنية قد أصدرت في أقل من عقد من الزمن ما يقرب من عشرين قائمة أمنية. نتحدث عن هذا “السيلفي” الذي يحاول تشويه صورة الوجه الشبابي لقطاع حيوي من مجتمعنا رغم الحقيقة أن 120 طائرة تقلع يوميا من مطاراتنا إلى ثلاث مدن محددة استحي أن أسميها بالحرف وأن جسرا بحريا واحدا يستقبل أيام ذروة المواسم ربع مليون عابر في اليوم الواحد فماذا تعني هذه الحركة الكثيفة وإلى ماذا ولماذا يذهبون؟ نتهم “سيلفي” بتشويه لغة الخطيب فإذا بالخطيب نفسه يفاجئنا على تويتر وهو يقول بالحرف “لو أن كل أب وقف بسلاحه على باب المدرسة لما تجرأ مسؤول بدخول المدرسة ومن قتل دون عرضه فهو شهيد”. هو يريدنا أن نكون دواعش في طابور على باب المدرسة.
الخلاصة أن خلف الحربي وناصر القصبي، مع هذا المجتمع، يعيشان بالضبط ورطة “المصوراتي” مع وجه صديقي حين رفض الصورة.
المصدر: الوطن أون لاين