رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً
أعود لأكتب مرة ثانية وثالثة عن القتلى الذين يسقطون بمعدل شخص في كل ساعة في شوارعنا، وأعود وأقول إن على الدولة أن تحاسب المسؤولين غير المبالين بهذه المأساة وهذه الكارثة.
المسؤولون المعنيون بهذه القضية هم الذين يشاهدون رقم القتلى يرتفع من ألف إلى ألفين فثلاثة فأربعة فخمسة فستة فسبعة آلاف شخص سنويا، ولديهم القدرة على أن يناموا ويأكلوا ويضحكوا وكأن شيئا لم يحدث بينما هناك أسر تتلوع من فراق الأبناء وأبناء يبكون فراق الآباء وأحوال كلها حزن وأسى فضلا عن آلاف المصابين يئنون على الأسرة في المستشفيات، وعدد ليس بقليل هم في عداد الموتى ممن يعيشون في حالة غيبوبة.
نعيش وضعا ماديا مريحا للغاية، ولهذا لا أفهم ما مبرر عدم توظيف المئات من الشباب المؤهلين في قطاع المرور ليسهموا في ضبط المخالفين ونشر شيء من الهيبة والنظام والانضباط في شوارعنا التي باتت ساحة منتهكة للمستعرضين وغير المبالين والفوضويين والموتورين ولكل من لا يعرف من أصول وفنون قيادة السيارة إلا وضع رجله على (دواسة) البنزين.
لماذا لا نصرف على تأهيل قطاعات المرور وتطويرها وإعادة هيكلتها وتأهيل الكوادر العاملين فيها بما يسهم في الحد بشكل جذري من حوادث السيارات في طرقاتنا؟
أظهرت دراسة أُجريت مؤخرا أن تكلفة الحوادث المرورية في السعودية تصل إلى 87 مليار ريال سنوياً، وأن الكلفة المالية التي تصرفها المستشفيات لعلاج مصابي الحوادث المرورية تتراوح بين 135 و 170 مليون ريال في كل عام.
وبحسبة بسيطة، كم سنصرف على من سيتم تعيينهم وتأهيلهم في قطاع المرور مقابل ما نصرفه ونخسره فعليا في كل عام جراء حوادث المرور والتي تقول الدراسة إنها تساوي 87 مليار ريال سعودي وبالطبع فإن هذا الرقم لا يدخل من ضمنه الخسارة الكبرى والتي لا تقدر بثمن وهي تلك الأرواح التي نفقدها والآثار النفسية والاجتماعية المترتبة على فقدان أحد الوالدين أو كليهما أو حتى أحد أفراد الأسرة مهما كان عمره.
ما نعرفه أن وزارات الصحة في العالم تصرف المليارات من المبالغ لما يعرف بالتحصينات والتطعيمات منعا لوقوع المرض فهي تصرف المليارات إيمانا منها بأن الوقاية خير من العلاج، لكن هذا المفهوم غائب عن إدارة المرور لدينا لأنها ربما لا تتحمل تبعات الحوادث مطلقا سواء المالية أو القانونية.
والتهمة الكبرى الموجهة للمرور عندنا أنه اكتفى بكاميرات ساهر ومن ثم وضع رجلا على رجل ظنا منه أن ذمته قد برأت بهذه الخطوة.
في ظني أن المرور هو من بيده وضع حد لهذه الفوضى التي تسود شوارعنا الداخلية والخارجية وبسببها يموت سبعة آلاف شخص سنويا ينبغي أن يُساءل، وينبغي أن يُلتفت لهذه القضية بشكل جاد وكبير من قبل المسؤولين، فالناس يشكون من إهمال شديد في جانب المرور أدى إلى تفاقم هذه المشكلة التي باتت مخيفة وتمثل جانب هلع لكل بيت في المملكة.
المصدر: الوطن أون لاين