بعد صمت قرابة 20 سنة، تحدثت، أول من أمس، مونيكا لوينسكي، متدربة البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، والتي اشتهرت بسبب علاقة غير شريفة مع كلينتون، كادت تقيله. وذلك لأن قادة الحزب الجمهوري استغلوا الفضيحة، وحاكم الكونغرس كلينتون، لكن لم يحصل معارضو كلينتون على أغلبية لعزله.
قالت لوينسكي، في مقابلة مع مجلة «فانتي فير» (مجلة المشاهير) إنها «تشعر بندم بالغ للعلاقة التي أقامتها مع كلينتون، وإن كلينتون استغلني» لكن، قالت إن «العلاقة كانت برضاء الطرفين».
وأضافت أنها «نادمة ندما عميقا على ما حدث». وإنها تحملت الكثير من الإهانات بعد انتشار تفاصيل الفضيحة.
لكنها كررت غضبها على كلينتون لأنه أنكر ما حدث، واتهمها بالكذب، وركز على إنقاذ سمعته السياسية، وأنها «صارت كبش فداء لحماية الرئيس».
وقالت مونيكا: «تمكنت إدارة كلينتون، والإعلام، ومساعدو المحقق الخاص، والسياسيون من الحزبين، من إلصاق هذه السمعة بي. وثبتت هذه السمعة لأن السلطة كانت وراءها».
وكتبت لوينسكي «رفضت عروضا كان يمكن أن أربح منها أكثر من عشرة ملايين دولار لأني شعرت أن هذا لا يصح».
وأقرت لوينسكي بأنها فكرت في الانتحار أكثر من مرة خلال التحقيقات كما راودتها الفكرة مرة أو مرتين بعد ذلك. وظهر اسم لوينسكي مجددا في فبراير (شباط) الماضي خلال مناقشات سياسية حين نقل عن هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأسبق وصف بطلة الفضيحة الجنسية مع زوجها في أحد المقالات بأنها «نرجسية مخبولة».
وسارع السيناتور الجمهوري راند بول وهو مرشح رئاسي محتمل إلى اتهام الديمقراطيين «بالنفاق» في زعمهم بأنهم من مؤيدي حقوق المرأة لمسامحتهم بل كلينتون على سلوكه «الجارح» مع لوينسكي.
وانتقدت مونيكا هيلاري كلينتون التي كررت اتهامات لها بأنها «لوناتيك» (مصابة بما يشبه الجنون). وكانت هيلاري أساءت في كتاب مذكراتها إلى لوينسكي. مثلما أساء إليها كلينتون في كتاب مذكراتها. خاصة عن طريق استراتيجية إهمالها، والتقليل من أهميتها. رغم أنها بطلة فضيحة تاريخية، لا بد أن تظل ملتصقة باسم كلينتون. وأيضا، باسم هيلاري، التي يتوقع أن تترشح لرئاسة الجمهورية.
وفعلا، في نفس يوم تصريحات لوينسكي، سئلت هيلاري عنها. ومرة أخرى، قللت من أهميتها، وتندرت على موضوع «صراع الرجال والنساء».
ومثلما استغل الجمهوريون الفضيحة ضد كلينتون، صاروا الآن يستغلونها ضد زوجته. ومؤخرا، أشاروا إلى أنهم ينوون إثارة علاقة زوجها بلوينسكي ضدها.
وفعلا، في يوم تصريحات لوينسكي، قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري راند بول، الذي ينوي الترشح للرئاسة ضد هيلاري: «لا ينبغي للمسؤولين استغلال المتدربات الشابات في مكاتبهم».
وأضاف بول أن «كلينتون استغل فتاة عشرينية كانت تتدرب في مكتبه، ولا يوجد عذر لهذا التصرف».
وفي المقابلة الصحافية، قالت لوينسكي إنها كسرت صمتها «حتى أتمكن من مساعدة الآخرين في أحلك لحظات حياتهم». وأضافت أنها «تنوي الآن الانخراط في جهود الدفاع عن ضحايا الاستغلال والاعتداء، والحديث في هذه المواضيع في المنابر العامة».
ويذكر أن الاسم الكامل للمتدربة هو مونيكا صامويل لوينسكي، عمرها 41 عاما. وكان عمرها 22 سنة عندما عينت متدربة في البيت الأبيض.
بعد فضيحتها مع كلينتون ذهبت إلى لندن للدراسة في جامعة لندن. وحصلت على شهادة الماجستير.
ولدت في سان فرانسيسكو (ولاية كاليفورنيا)، وتربت في بيفرلي هيلز (أيضا ولاية كاليفورنيا)، ضاحية ثرية من ضواحي لوس أنجليس، وحيث يعيش عدد كبير من نجوم ونجمات هوليوود. ينتمي أبوها إلى اليهود الألمان. وتنتمي أمها إلى اليهود الروس. تلقت لوينسكي تعليمها في كلية سانتا مونيكا (ولاية كاليفورنيا). ثم في كلية لويس آند كلارك في بورتلاند (ولاية أوريغون). بعد ذلك، قبلت مدربة في البيت الأبيض.
في البيت الأبيض، بدأت علاقة جنسية غير مشروعة بينها والرئيس كلينتون. وقد اتفق كلاهما على أنهما مارسا علاقة غير المعاشرة الجنسية الكاملة. في ذلك الوقت، سجلت ليندا تريب، صديقتها (تكبرها بـ24 عاما)، في دهاء وخبث، محادثات تليفونية معها ناقشا فيها تفاصيل العلاقة بين مونيكا وكلينتون. ثم كشفتها تريب للصحافيين. وأمام محققين. ومنهم المحقق المستقل كينيث ستار. وكشفت التحقيقات علاقات جنسية بين كلينتون ونساء أخريات غير زوجته، منهن: بولا جونز (سكرتيرة كلينتون عندما كان حاكما لولاية أركنسا). وجنيفر فلاورز (راقصة في أركنسا). وأن جورجيات (موظفة في البيت الأبيض في عهد كلينتون).
في وقت لاحق، تطورت التحقيقات، واستغل قادة الحزب الجمهوري الفضيحة، وطوروها. وطالبوا بمحاكمة كلينتون بتهمة الكذب خلال التحقيقات معه (وهو أدى القسم). وفعلا، حسب الدستور، تحول مجلس النواب إلى هيئة محكمة. لكن، فشل الجمهوريون في إحراز أصوات كافية لإدانة كلينتون (وكان سيعزل إذا أدين).
أثناء المحاكمة، نفي كلينتون أي علاقة جنسية مع مونيكا. ثم في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض. لكن، زادت عليه الضغوط، خصوصا من ستار، الذي حصل على فستان أزرق يخص مونيكا عليه السائل المنوي لكلينتون. وأيضا حصل على اعتراف من مونيكا أن كلينتون وضع سيجارا في أعضائها التناسلية.
تحت هذه الضغوط، اعترف كلينتون في يوم 17 – 8 – 1998 أنه كذب على الشعب الأميركي. وأنه كان على علاقة غير شرعية مع مونيكا لوينسكي. لكن، وهذا مهم جدا، أنكر أنه شهد زورا، لأن ممارسة الجنس عن طريق الفم لا تمثل علاقة «جنسية».
كرر كلينتون هذا الادعاء في كتاب مذكراته. وظل يكرره حتى اليوم. وظل الموضوع يثير نقاشات قانونية وأخلاقية وسط الأميركيين.
وأيضا، يكرر كلينتون ادعاء آخر. وهو أن حياته الخاصة منفصلة عن حياته السياسية. وأيضا، أثار، ويثير، هذا نقاشا وسط الأميركيين، فيما عرفت بنظرية «كومبارتمنتالايزيشن» تقسيم حياة الإنسان إلى أقسام منفصلة، مثل خاصة وعامة. ولا يؤثر قسم على آخر.
المصدر: محمد علي صالح – الشرق الأوسط