الدموع لا تسترد المفقودين ولا الضائعين ولا تجترح المعجزات!!
كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقا صغيرا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود… جيفارا
بعد منتصف الليل بقليل, الثانية عشر بتوقيت الحزن، تلك الساعة التائهة بين يومين, يتصل صديق ليفجعني بنبأ رحيل صديق عزيز.. وكان مما قال بصوته المحزون سيصلى عليه ويدفن بالغد! في مقبرة مختبئة بأقصى المدينة!
أحيانا لا تستوعب دموعنا صدمة الفقد، يتساقطون أحبابنا أمام أعيننا.. لا نملك حولا ولا قوة، نعلم يقيناً أن الأوراق المتساقطة لن ترجع ثانية، وأننا لن نرجع نحن كما كنا بدونهم، لكنها دورة الحياة نودع اليوم أحبابنا وغداً أحبابنا يودعونا.
بقيت اثنتا عشر ساعة قبل الصلاة عليه, عيني مغمضة وروحي ساهرة معي تفكر فيه، ستمضي هذه الساعات سريعا كما مضت حياته، كيف خسرنا من كان بالأمس معنا؟ ضاع غفلة من بين أيادينا! لست ضد المقادير لكننا بشر فعل الفقد فينا ما فعل، نحت أحاسيسنا، أذاب ثلوج عواطفنا، تركنا في حسرة، نقلب كفوفنا ونتذكر أيامنا معه ولحظات لا تنسى، كيف ننسى من لا ينسى؟
لو كنت أعلم أنك اليوم سترحل، لمزقت كل دفاتر مواعيدي مسحت أرقامي كتبت في مفكرة حياتي بخط عريض اسمك. لصليت معك الفجر وأخذتك في جولة قبل الشروق، أبدأ يومي بك وحياتي معك. لاخترت أطول طريق ومشيت فيه معك بفرح، أستمع بنهم لكل أحاديثك، أعد خطواتك، أضحك بصدق، أعطيك كل أوقاتي هدية!! ثم أتمنى أن يطول الطريق ويتوقف الزمن لأستمتع بكل الثواني.. أنا كلي آذان صاغية فقل ما تريد، لن أقاطع كلامك وأفرض آرائي كعادتي، أعدك أني سأتغير للأفضل كي لا ترحل!
عندما رحلت تذكرت كم كنت قاسيا لأنني لم أتذكر أن أهاتفك، شغلتني حياتي، نسيتك وانشغلت بغيرك.. و بعد رحيلك، تذكرتك.. ونسيت غيرك.
إنه الوقت الضائع يا صديقي.. ليس لكلماتنا معنى، لن ترجع الكلمات أحلامنا المفقودة ولن تطفئ الدموع نار الشوق. هناك شي سيظل مفقودا بغيابك، جرح لن يلتئم، يقولون الزمن كفيل بالنسيان.. أشك في ذلك، لكل جرح يا صاحبي أثر.
سأفتقد اللحظات والمغامرات وكل أحاديثنا الجانبية, سأفتقد حضورك الطاغي وتواضع نظراتك وابتسامة قلبك، سأفتقد رسائلك الخاصة جداً تعلق على أخطائي وتعجب بكتاباتي، وتؤنبني على تقصيري. سأحتفظ برسائلك وأقرأها لأبنائي و سأقول لهم كان لي صديقاً مختلفاً..
وداعا يا صديقي.. لنا لقاء.. رفقا به يا أرض، رفقا به.. يا رب السماء.
خاص لـ (الهتلان بوست)