كاتب وصحفي سعودي
يجمع غالبية السياسيين على أنه لم يمر على الولايات المتحدة رئيس ضعيف متردد متذبذب، مشتت القرارات ومتناقض التصريحات وضعيف المبادرات، مثل الرئيس الحالي باراك أوباما!
ففي مقارنة سريعة مع سلفه (جورج دبليو بوش) لا من سبقوه بعقود، كان بوش يقول ويفعل، يضغط ويتحرك ويحرك العالم خلفه بالقوة والإرادة الأميركية. كان الحاكم العربي لا ينام ليلَهُ إذا كان بوش سيلقي خطاباً أو يدلي بتصريح. كان زعماء العرب في عهد بوش يتحسسون كراسيهم ورؤوسهم، أما اليوم فيخطب أوباما كثيراً، لكنهم لا يكترثون بعد أن اكتشفوا أنه ليس من أصحاب القرار أو صُناعه، بل من مسوقي الأقوال، حتى أصبح محل تندر في الداخل الأميركي قبل الخارج!
ومع مضي خمسة أعوام على وجود «ابن حسين» في البيت الأبيض، ظهر أنه غير فاعل أو مؤثر على رغم محاولات التلميع لشخصيته منذ تنصيبه، بل عمل على تلاشي الهيبة الأميركية والشخصية القوية، انعكاساً لشخصيته، ما دعا مجلة «فوربس» في إحدى مقالاتها إلى القول بأن تردد أوباما حيال ضرب سورية يوجه رسالة إلى إيران بأن بإمكانها المضي قدماً في تخصيب اليورانيوم، وصنع قنبلتها النووية من دون أن تخشى أميركا، واعتبرت أنه بعد الإخفاق الأميركي في التعامل مع الثورة المصرية، جاءت مواقف أوباما المترددة حيال سورية لترسم صورة أكثر قتامة للقوة والقدرة الأميركية، وأن صورة أميركا تهتز في جميع أرجاء العالم. وذكرت أنه حتى لو نجح أوباما في إقناع الكونغرس بتأييد ضربة محتملة ضد نظام الأسد ليحافظ على رئاسته، إلا أنه وعلى المدى البعيد ستبقى صورة أميركا ضعيفة ومترددة وغير متأكدة من مسارها. وخلصت إلى أن أوباما عزز صورته لدى العالم والأميركيين باعتباره رئيساً ضعيفاً يتجه نحو جهة غير معلومة.
في كل يوم هناك حديث عن الأزمة السورية، والبحث عن الحلول، وبات العالم يحج إلى موسكو، حتى أوباما نفسه ووزير خارجيته وحلفاء أميركا من العرب والغرب باتوا يتسابقون إلى «الكرملين» في انتظار انفراجة في هذا الملف من «القياصرة»، ما يشير إلى تضعضع الفاعلية الأميركية، وأن أميركا في عهد أوباما لم تعد بالهيبة ذاتها والقوة وصاحبة القرار التي يتحرك العالم خلفها، حتى إن أصدقاء واشنطن وحلفاءها من الأوروبيين يشكون من عدم فهم السياسة الأميركية في ظل تردد إدارة أوباما وتناقضها! حتى إن صحيفة ألمانية قالت إن الكراهية لأميركا في العالم العربي زادت أكثر مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق جورج بوش، محذرة من أن الضعف الذي وصفت به أوباما كان المستفيد الوحيد منه هو «القاعدة» والجماعات المتطرفة. وأضافت تلك الصحيفة: «بالنسبة إلى قوة عظمى ليس كافياً أن تكون محبوباً، بل يجب أن تكشر عن أنيابك لتخيف الأشرار وتمنعهم من إلحاق الأذى بالآخرين»، وأولهم بشار الأسد.
السؤال: أين الحل السياسي بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة السورية رداً على مجازر ومذابح نظام الأسد؟ هل يعني هذا أن «الهيبة الأميركية» سقطت، وهيبة القتلة ارتفعت؟ أم أن الضمير العالمي نام، والحقبة «الأوبامية» تعني «الفشل» لا غير؟
الأكيد أن طريق أوباما في المنطقة شائك، ويقف أمام متاهات كبيرة، وكل ذلك بفضل سياسته المترددة ومواقفه المتناقضة التي بدأ معها يفقد أصدقاء وحلفاء بلاده! وأتمنى عند زيارته إلى الرياض آخر الشهر أن يُواجه بحقيقة سياساته، وألا يجامل على حساب مصالحنا.
المصدر: الحياة