كاتب إماراتي
في فيلم الخيال العلمي الرومانسي «هي»، نشاهد قصة طريفة وسخيفة لرجل محبط يقع في غرام نظام التشغيل في جهازه الشخصي.. حيث يبدأ يشعر بطريقة معينة تجاه الصوت الأنثوي الصادر من جهازه، والذي يذكره بالمواعيد أو يقرأ له بريده الإلكتروني، ويقوم بأعمال المساعد الشخصي الخاصة به.. وذلك بالطبع قبل أن يكتشف أن «النظام» يتعامل بالطريقة نفسها مع مئات من الألوف من المستخدمين، ما يسبب له أزمة نفسية حقيقية.
القصة غريبة في مجملها.. الصوت الأنثوي قد يخرفن حتى ولو لم يكن حقيقياً، لكن أنا وأنت نعلم أن هذا لا يحدث في أميركا حيث تم إنتاج الفيلم، لكنه قد يحدث في إسبانيا مثلاً.. كما أنك مثلي تعرف ما هو اللقب الذي نطلقه على المرأة التي تمتلك أكثر من شخص في حياتها، فما بالك بمئات من الألوف!
كنت أحدث صديقي الناقد عن آرائي تلك في الفيلم الذي حقق نسبة مشاهدة لا بأس بها، ليفاجئني بأن الفيلم مبني على خدمة حقيقية وموجودة في نظام التشغيل الخاص بشركة «أبل» واسم الـمساعد الشخصي فيها هو «سيري».. ويمكن للمستخدم أن يختار ما إذا كان يريد الصوت الخاص بالمساعد بصوت رجل أو بصوت امرأة..
حقيقة وكمعظم المستخدمين فأنا لا أستخدم الإمكانات الهائلة في هاتف «ذكي» إلا في الاستخدامات الكلاسيكية كالاتصال وقراءة بعض برامج التواصل، وربما استخدام «الحسابة» بين فترة وأخرى، لكن الحديث مع «سيري» كان أشبه بتجربة معجزة صغيرة.. يمكنك أن تطلب منها تذكيرك بالمواعيد.. قراءة البريد الإلكتروني.. تسألها عن أي شيء.. عن مواعيد عرض فيلم في أقرب سينما.. عن كتاب معين.. عن مواعيد طيران.. عن شخصية معينة.. يمكنك أن تطلب منها الاتصال بالمنزل.. أو تطلب منها إرسال وثيقة معينة إلى جهة معينة.. وأصدقكم القول أنني حاولت إرسال هذه المقالة عبر التقنية ذاتها لكن بسبب عدم دعم الأخت «سيري» للغة العربية فقد اتصل بي مدير التحرير وأخبرني بأن الملف المرسل خاطئ!
لدينا الآن حالة استثنائية من الدعم للبرامج التي تدعم اللغة العربية، وقد وعدت أكثر من جهة مسؤولة بتقديم الدعم اللامحدود لأي برامج أو مبادرات للتعريب أو لدعم اللغة، وفي الوقت ذاته ومع خطو حكومة الدولة نحو الحكومة الذكية.. فإن مشروع تعريب «سيري» سيشكل بداية جيدة وفرقاً لإعادة المستخدمين العرب في المنطقة ــ وهم كثر ــ للحديث باللغة العربية الفصحى، خصوصاً أن اعتماد لغة واحدة للحديث مع «سيري» أفضل من اعتماد اثنتين وعشرين لهجة.. مرشحة للزيادة بالطبع بحسب مزاج الميليشيات المتناحرة هنا وهناك!
نصحت أحد الزملاء باستخدام الخدمة وتجريبها.. فاتصل بي وقال لي إن زوجته «غارت» من الخدمة وطلبت منه إزالتها من هاتفه.. ولم تفلح كل محاولاته بإقناعها بأن «سيري» محرم لا تنطبق عليها شروط الاختلاط..! بالطبع نصحته كأي صديق مخلص يحرص على تماسك عوائل أصدقائه بأن يقول لها.. «سيري».. لا!
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-09-25-1.712705