كاتب وصحفي سعودي
أرسل لي صديق تجربة جميلة خاضها العام الماضي مع أبناء عمومته. يقول الأخ سامي في رسالته إنه كان يلاحظ غياب الكثير من أقاربه الأيتام، الذين فقدوا آباءهم، من المناسبات الاجتماعية. وحزن عندما شاهد بعضهم يفتقد أبسط المهارات الاجتماعية، إثر عدم خروجهم من المنزل كثيرا وانطوائهم. فقرر أن يستلهم من الهدي النبوي: “خيركم خيركم لأهله” مبادرة يحسن فيها سلوك أقاربه الأيتام. جمع أربعة شباب في عقدهم الثالث من أسرته وطلب منهم أن يقيموا بالتناوب برنامجا أسبوعيا لأطفال الأسرة الأيتام وغيرهم؛ حتى لا تشعر الشريحة المستهدفة بأي شعور بالنقص. وكذلك ليتداخلوا مع بقية أبناء عمومتهم. وضعوا جدولا لشهرين مقبلين. في الأسبوع الأول استأجروا استراحة واحتفلوا بالمتفوقين. الأسبوع الثاني أقاموا في الاستراحة نفسها مسابقة لتلخيص كتاب، والفائز يحصل على قسيمة شراء من متجر لبيع الإلكترونيات. الأسبوع الثالث حضروا مباراة كرة قدم مع بعض. الأسبوع الذي يليه جلبوا مدربا للخط العربي لتدريب الصغار على تحسين خطوطهم.
سمع القاصي والداني في عائلتهم عن هذا المشروع؛ فسجل الكثير من الشباب المتطوعين من أقاربهم للمساعدة والدعم. أمسى لكل أسبوع مسؤول، وأصبح هناك تنافس على تقديم برامج مميزة ومختلفة. برامج نوعية ولافتة. أحدها عن تعليم مبادئ البرمجة، وآخر على التصوير بالفيديو. وتدربوا على أساسيات في تعديل وتحرير الصور. لاحظت أمهات الأسرة، سواء أمهات الأيتام أو غيرهن، تطور أبنائهن في مهاراتهم الاجتماعية والتقنية. وانبهرت الأسرة كلها بحجم التلاحم والتعاضد الذي تطور بين شبابها بعد هذه المبادرة التي انعكست إيجابا على مهارات الأبناء وعلاقاتهم وسلوكياتهم ومستقبلهم. يشير سامي في رسالته إلى أن هدفه كان فقط أن يحدث فرقا طفيفا، لكن النتائج أظهرت فرقا كبيرا.
مجتمعاتنا فيها خير عميم وفرص هائلة للتطوير والتحسين. تنتظر فقط من يبادر ويعلق الجرس. تحتاج إلى أفراد يتحدثون أكثر من أن ينظروا. تتطلب من يبدأ. أرجو أن نقلع قليلا عن الضجر ونتعلم من الشجر. تحدق في السماء وتمطر ثمرا. تأخذ القليل لتعطي الكثير.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/11/30/article_910654.html