كاتب و ناشر من دولة الإمارات
من يصنع الظالم ؟
تبادر إلى ذهني هذا السؤال و قد جمعتنا صلاة جماعة أنا و صديقي مع مديره الذي يشتكي الجميع من أخلاقه و ظلمه , و رغم هذه الصفات السيئة كان حريصا على أداء صلاته في المسجد بصفه يوميه , بالإضافة إلى نصح و نقد المقصرين عن أداء الصلاة في أوقاتها , وودت حينها مناقشته في العلاقة مابين السلوك السيئ و العبادة , لكن صديقي منعني خوفا علي و على منصبه .
الأخلاق ليست في دور العبادة فقط ! و العدل ليس فقط عند الزواج بأكثر من واحده, العمل المهني و الإداري يتطلب أخلاقيات حقيقة خالصة غيرة مشوه لا تتغير بتغير الظروف و المناسبات.
المدير الصادق و العادل في المسجد أو في البيت لابد أن يكون صادقا و عادلا أيضا في مجال عمله و مع الموظفين. ألأقنعة التي يلبسها البعض في مجال العمل الإداري, لابد أن تتساقط يوما و ينكشف معها الوجه الحقيقي للفرد.
هذا التناقض يبرز في بعض المؤسسات حيث لا يتم تطبيق المنهج الأخلاقي في التعامل و تضيع حقوق الموظفين و يتم التحامل و التجامل على الأشخاص بأسم العمل و يصبح الظلم موظفا موجودا في الدوام الصباحي و المسائي مع الموظفين .
و للأسف نجد أنه من خلال تجارب حية و واقعية أنه غالبا ما يربح المدير الظالم في البدايات و يرجع سبب هذا في الأساس لعدم وجود ميثاق أخلاقي يحكم العلاقة بين جميع الأطراف ( و إن وجد هذا الميثاق) لا يطبق بصورة صحيحة.
لهذا تجد أن بعض المسئولين في مجال العمل إذا خاصم فجر, لا يلتزم حينها بأي معيار أخلاقي عند المخاصمة و يطبق قانونه الخاص انتقاما لشخصه , لا يسمع لأي نصيحة أو تحذير من العقلاء لأنها تقع علية و قلبه في غفلة عن الحق و تجده في غمرة انفعاله يسئ استخدام السلطة المؤقتة الممنوحة له من قبل مسئول أعلى منه التي حدودها أحيانا طابقا في مبنى ! و يتمادى في طغيانه, ظنا منه أن سلطته ستدوم و أنها لن تبيد أبدا.
هناك دائما مبررات للظلم يسوقها الظالم لنفسه و يساعده عليها أعوانه , أو الفئة المستفيدة من وجوده على راس منصبه و في اغلب الأحيان قد تتفاجأ عزيزي القارئ بأن الظالم لا يعرف أنه ظالم .
تختلف الصفات باختلاف الأشخاص و يختلف تطبيقها قبل الحصول على السلطة و بعدها, حيث يصدم البعض بمفاجأة المنصب و يقع في فتنة السلطة المؤقتة الذي لم يكن مهيأ لها و من هنا تبدأ سلسلة التجاوزات.
من يصنع الظالم ؟
هل هي الظروف التي تصنعهم ؟ أم ضعفنا يقويهم ؟
يقول الكاتب مصطفى محمود رحمه الله في إحدى مذكراته:” نحن نساعد في خلق الأباطرة و الجبابرة, بل نحن نخلقهم و نشكلهم بأيدينا”. للكاتب و جهة نظر تعبر عن حال كثير من الشعوب, وأن الأمم تستطيع أن تخلق حكاما ظالمين و آخرين صالحين.
قيل قديما أن السلطة المطلقة فساد مطلق و السلطة المؤقتة, فتنة تجعل الظالم في حالة إغماء, تغمض عينيه عن العدل و قلبه عن الحق. حالة الإغماء هذه قد تدوم فترة معينة, يصحو بعدها الظالم بعد أن فقد منصبه أو مكانته, بشخصية مختلفة أقرب إلي الضعف, بعض من سخريتها أنه يشكي و يذم فيها الظلم و الظالمين.
خاص لـ ( الهتلان بوست )