كاتب سعودي
انزعج حزب الله اللبناني بعد مقابلة بطريرك الطائفة المارونية بطرس الراعي في حديث العرب مع سليمان الهتلان/ سكاي نيوز العربية. أزعج أوساط الحزب قول البطريرك: حزب الله دخل الحرب في سوريا بدون قرار من الدولة اللبنانية، وهذا قسم اللبنانيين إلى مع وضد. الذي مع يدعي أنه لولا تدخل حزب الله لوصل داعش إلى جونيه، والذي ضد يقول إن تدخل حزب الله جاء بمليون ونصف لاجئ سوري إلى لبنان. هؤلاء يقبلون بأي وظيفة وبأي سعر ويبيعون كل شيء على الرصيف. فيه بلدات لبنانية السوريون فيها أكثر من أهلها. الطلاب السوريون أكثر من الطلاب اللبنانيين ويتوجب على لبنان إيجاد مدارس لهم وعناية صحية. صار على اللبناني لكي يعيش أن يهاجر.
الراعي قال أيضاً: لا أستطيع قول كلام قاطع بخصوص حزب الله. حزب الله دخل في كل مفاصل لبنان، الحكومة والبرلمان والتجارة والشارع، وهو مسلح وأنا أعزل، فيك تقول ميليشيات وهم يقولون مقاومة.
ما سبق كان مجرد جزء بسيط من أجوبة البطريرك الراعي على أسئلة محاور ذكي وموضوعي. كان في مقابلة البطريرك أجوبة كثيرة غير ما قاله عن حزب الله، تعطي نظرة عميقة وعربية أصيلة عن تاريخ ومستقبل المنطقة، وتدل على رغبة حقيقية عند البطريرك وما يمثله من فكر في العودة إلى الرابط العروبي الثقافي القديم الذي حفظ للمنطقة أصول التعايش لمدة ألف وأربعمائة عام. حزب الله لم يلتفت إلى الإيجابيات الكثيرة والصادقة في أجوبة بطرس الراعي، وركز فقط على ما قاله بكل دبلوماسية وحذر عن دور حزب الله في الانقسام اللبناني والشلل السياسي ونكبة الإغراق بأعداد من اللاجئين السوريين أكثر من سكان لبنان.
الأكيد أن مفاهيم البطريرك الماروني للروابط الحضارية والثقافية بين العرب على اختلاف دياناتهم أزعجت حزب الله أكثر مما أزعجته تعليقات الراعي على التدخل في سوريا. لماذا؟، لأن قلب حزب الله ليس عربياً، وروحه مذهبية متعصبة وثقافته وولاؤه إيرانية. الأهم هو أن فكر بطرس الراعي يقرع ألف جرس وجرس في أدمغة العرب الشيعة وقد يفيق بعضهم من الترياق الإيراني الذي صبه حزب الله في حناجرهم.
ما علينا من حزب الله فهو مثل الحوثي في اليمن، يموت بالسكتة الدماغية عندما تتآكل الحكومة الإيرانية الحالية في الداخل الإيراني وهذا سوف يحدث عن قريب. النفيس الباقي من أجوبة غبطة البطريرك بطرس الراعي هو التمسك الثقافي والحضاري بالمشترك الأصيل بين العرب المسلمين والمسيحيين منذ ألف وأربعمائة عام. ذلك ما سوف أعرضه في الحلقة القادمة، لأنه يستحق التفكير العميق في الروابط الحقيقية للتعايش وازدهار المجتمعات.
المصدر: صحيفة الجزيرة