كاتب سعودي
ما زال الناس في حيرة من أمرهم مع وزارة الإسكان وارتباك قراراتها المتوالية التي لم يكن أي منها مقنعا أو قادرا على التعامل مع أساس المشكلة. كانت المشكلة الأولى التي تذرعت بها الوزارة عدم توفر الأراضي، وصدقنا هذه المقولة رغم أنها لو أرادت الاستعانة منذ البداية بصاحب القرار لتوفرت لها أراضٍ كافية، وعلى أي حال ها هي ملايين الأمتار في كل مدينة استرجعتها الدولة وسلمت كثيرا منها للوزارة، ولا ندري ماذا ستفعل بها، والخشية أن تكون انتقلت من حوزة المعتدين عليها لتصبح مجمدة في حوزة وزارة الإسكان.
الاختراعات التي ابتكرتها الوزارة كثيرة، حتى ليخيل للمرء أن سيحتار في الأفضل منها، وقد أسمتها الوزارة منتجات، وكأننا أمام شركة تفاضل بين منتج وآخر ضمن عدد كبير من المنتجات، القرض الذي كان أساس المنتجات أصبح شيئا من الماضي بعد أن تم تذويبه في الاختراعات اللاحقة، والأرض تم وضع الشروط عليها وربطها ببعض المستحيلات ليصبح الحصول عليها غير وارد. التمويل العقاري الذي استبشر به الناس تأخر كثيرا وأضيفت له زوائد ونتوءات ليصبح تحت سيطرة البنوك، وكأن وزارة الإسكان مجرد وسيط لا يستطيع التدخل بوضع شروط عادلة تحفظ للمقترضين حقوقهم، وبالتالي لم يعد هناك فرق كبير بين أن يأخذ الشخص تمويلا ذاتيا من البنك تحت إشراف الوزارة أو بدونها. بمعنى أن كل الأفكار العظيمة التي أفرزتها عقلية الوزارة انتهت بتسليم المواطن للبنوك وشروطها.
وزارة الإسكان تمثل النموذج الواضح للعجز في القيام بمسؤوليتها، رغم أنها تتعامل مع مشكلة وطنية استراتيجية في غاية الأهمية قدمت لها الدولة أموالا كبيرة، إلا أن الوزارة مستمرة في طريق مسدود. قام مسؤولوها بزيارة دول عديدة لها تجارب ناجحة في الإسكان، لكنهم لم يأتوا لنا بحلول أو يحاولوا تطبيق بعض الأفكار التي استطاعت حل مشكلة الإسكان في ظروف مشابهة لظروفنا.
والآن، لم يعد هناك أمل كبير أو ثقة لدى الناس بأن الوزارة قادرة على مساعدتهم في الحصول على سكن طالما هي مستمرة في تخبطها وارتباك قراراتها، وما لم تتعامل مع المشكلة بواقعية وديناميكية، فإنها ستتفاقم لتصبح مستعصية على كل الحلول.
المصدر: عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20141117/Con20141117735195.htm