خاص لـ هات بوست:
في نقاش بسيط، سألتني ما هو الإسلام بنظرك؟
قلت سأجيبك وفق التنزيل الحكيم، كتاب الله الذي نزل على رسوله محمد (ص) فيه الإسلام هو الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.
قالت: لا أنت مخطئة، الإسلام هو النطق بالشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، وكل من لا يعترف بهذه الأركان مصيره جهنم وبئس المصير.
قلت: الله جل وعلا هو القائل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة 62). لا يمكن أن يخلق الله هذا الكون بعظمته ويسخر لنا الأرض وما عليها ثم يرمي بأربع أخماس الناس في جهنم وهو الرحمن الرحيم.
قالت: هذه الآية منسوخة وفق ما تدرسونه في مناهجكم.
قلت: كتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والله تعالى لا يمكن أن يضع فيه ما ينقض بعضه بعضاً، والآيات التي نسخت هي ما جاء في رسالات سابقة تحوي أحكام، استبدلت بما هو خير منها.
قالت: وماذا تقولين في {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران 85) ؟
قلت: نعم، هذا دليل على أن الإسلام هو دين معظم الناس، كل من آمن بالله وعمل صالحاً، وكل الأنبياء والرسل جاؤوا بالدعوة ذاتها، مع تفاوت بالقيم الإنسانية، حيث تراكمت تدريجياً عبر العصور والأزمان، لتكتمل مع الرسالة المحمدية الخاتم.
قالت: ألا تعتبرون قتل المشركين فرضاً عليكم؟
قلت: لا، ليست مهمتنا محاسبة أحد، فهذا اختصاص الله تعالى، ثم لا يمكننا تحديد المشرك من غيره، فللشرك أشكال، أبسطها عبادة آلهة غير الله، ويمكن بسهولة أن يكون “المسلم” مشركاً بطاعة غير الله على المعصية، ومع ذلك فها هو إبراهيم عليه السلام الذي نقتدي به، استغفر لأبيه المشرك ودعا له، لكنه في الوقت ذاته تبرأ من شركه، حتى في حالة الحرب بين الرسول والمؤمنين من جهة والمشركين من جهة أخرى كانت التعليمات من الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} (التوبة 6).
قالت: إذاً أنتم تقتلون الكافرين.
قلت: لا، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (الكافرون 6) ونتعامل معهم وفق ما نرتضيه من أخلاق.
قالت: لكنكم تقتلون المرتد.
قلت: أيضاً لا نقتله، حسابه عند الله {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة} (البقرة 217).
قالت: دينكم يتدخل في كل أمور حياتكم، كل ما يفعله المرء في يومه حرام، لا سيما النساء.
قلت: لا، المحرمات معدودة، ومعظمها يتفق عليه كل الناس في كل زمان ومكان، والالتزام بها هو السلوك الطبيعي للإنسان الخلوق، فيحسن إلى أهله وإلى الآخرين، ولا يقتل ولا يزني ولا يغش ولا ينقض عهداً، ولا يستغل حاجة الفقير ولا اليتيم، ثم إن النساء والرجال متساوون في الثواب والعقاب.
قالت: كيف ذلك، المرأة في الإسلام مضطهدة.
قلت: المرأة في مجتمعاتنا نعم، أما في الإسلام فالمرأة كيان مستقل، لها ما للرجل وعليها ما عليه، يمكنها أن تكون القيّمة على الأسرة ولها أن تضع شروطها في عقد الزواج كما تشاء، والزواج ميثاق غليظ، قوامه المودة والرحمة.
قالت: والفرائض من إقامة صلاة وصيام وزكاة وحج؟
قلت: علينا التمييز بين الصلاة كصلة مع الله بما تتضمنه من علاقة روحية أساسية، وبين إقامة الصلاة الشعائرية، وكل الشعائر وعدنا الله تعالى عليها الأجر والثواب، نتقرب إليه من خلالها، علماً أن الإنفاق هو علاقة أفقية مع الآخرين لها أهمية كبرى، ونعاقب على إهمالها.
قالت: وماذا بعد؟
قلت: الإسلام دين الأخلاق، كل الوصايا فيه أخلاقية، العفو، الإحسان، الاستئذان، مراعاة المسكين واليتيم والأسير وابن السبيل والغارم والجار والصاحب، النهي عن الغيبة والنميمة والتجسس.
قالت: هذه صورة مثالية، سأتأكد.
قلت: كتاب الله أمامك، لا تحتاجين لوسيط، ولا شيخ ولا مفتي، كل ما تحتاجينه عقل سليم يتدبر الكتاب دون تأثر بصور مشوهة، سواء قدمها “محبون” مغالون أم أعداء مبغضون، حرفوا ما جاء وفق أهوائهم.
هل يمكننا أن نزيح الغبار عن ديننا الحق ليظهر كما هو على حقيقته؟