كاتب سعودي
ينطبق على المرحلة السياسية العالمية وخاصة ما يتعلق بالمنطقة العربية بأنها تتبع سياسة المتاهات، أو سياسة قل أي شيء ثم افعل ما تريد الوصول إليه فعلياً.
نفتح باب المتاهات فيقابلنا تصريح وزير الخارجية الأمريكي (كيري) قائلاً إن التفاوض مع النظام السوري ممكن لإنهاء حالة الحرب، ثم يعقبه رد فعل من واشنطن يؤكد أن لا تفاوض مع الأسد. وكذلك تفعل بريطانيا التي عادة لا تخرج عن الخط الأمريكي!
في قضية إيران التي تهدد بإزالة اسرائيل، اتجهت بنادقها إلى العراق وسورية ولبنان واليمن. تاجرت بقضية فلسطين لكنها خدمت إسرائيل بإشعال الحرب الطائفية، والعمل على إشغال العرب وإضعافهم. حالة ضعف دفعت رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو يعلن بكل برود وعنجهية تتجاهل كل ما سبق من قرارات واتفاقيات، ليعلن صراحة أن دولة فلسطين لن تقوم وأن بناء المستوطنات سوف يستمر.
إن نتنياهو يعلن ذلك بعد أن عاد من أمريكا بشعور المنتصر الذي استطاع أن يخاطب الكونجرس ويكسب تأييده في قضية السلاح النووي الإيراني رغم أنف البيت الأبيض!! ولم يجرؤ عضو في الكونجرس على طرح قضية حقوق الإنسان. ولم يسأل أحد نتنياهو أين يكمن خطر إيران على إسرائيل؟ ومتى هاجمت إسرائيل؟ ثم هل يتذكر العالم ملف فلسطين؟ بعد أن أصبح لدينا أكثر من فلسطين؟ هل تهميش قضية فلسطين هو أحد نتائج الفوضى الخلاقة؟ هنا يتكرر السؤال: من المستفيد؟ أين العالم الذي يحاضر كل يوم عن حقوق الإنسان من تصريح نتنياهو؟ هل كان العالم يتعامل مع إسرائيل بسياسة الصبر الإستراتيجي؟
ذلك الصبر الذي سيكون السلاح الفعال في مواجهة داعش، وهو الأسلوب الذي دعا إليه رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي. وهو نفس الأسلوب المتبع في المفاوضات الماراثونية حول السلاح النووي الإيراني.
من المستفيد من تلك المتاهات؟ من المستفيد من سياسة الصبر الإستراتيجي؟ ألا تختفي وراءها تحالفات بين دول تتبادل الشتائم وهي في حقيقة الأمر تتبادل الأدوار؟ من المستفيد من سياسة أمريكا المتناقضة إزاء النظام السوري؟ كيف يمكن بعد قتل سورية التفاوض مع القاتل؟ هل نجح الأسد في جذب المنظمات الإرهابية لبعثرة المعارضة وجعلها في نهاية المطاف هي المشكلة ويكون هو المؤهل للحل السلمي؟ هل أصبحت قضية سورية الإنسانية ورقة مساومة في مفاوضات أمريكا وإيران؟
ثم من المستفيد أكثر من هذه المتاهة والمماطلة، إسرائيل أم إيران؟ خلال مسلسل المفاوضات الطويل الممل بين أمريكا وإيران تمادت إيران في تدخلها في شؤون العالم العربي وأوجدت كل الأسباب والمبررات التي تهدد أمن المنطقة، ومع ذلك لم يكن لهذا التمدد الإيراني أي تأثير على تلك المفاوضات. من المستفيد؟ أمريكا أم إيران أم هما معاً؟ هل ستكون الشركات الأمريكية هي المستفيد الأكبر من نهاية إيجابية للمفاوضات لتفوز بنصيب الأسد!
السؤال الأخير الذي تتقاذفه الأمواج في بحر المتاهات هو عن المليشيات التي أصبحت أقوى من الجيوش وصارت تجتاح المدن وتقلب الأنظمة وتنشر الحروب الأهلية ولا يجد العالم ما يردع به هذه المليشيات غير سلاح الصبر الاستراتيجي أو استراتيجية الصبر.
فهل يبقى العالم العربي أسيراً لهذه الإستراتيجية؟!
المصدر: الرياض
http://www.alriyadh.com/1031804