كاتب متخصص في الإدارة
سأل مدير أميركي زملاءه في اجتماع عمل: «ما هي أثمن أرض في العالم؟». فبدأت تأتيه الإجابات فمنهم من قال: «إنها أرض الخليج الغنية بالنفط» ومنهم من قال «أراضي الألماس في أفريقيا». فقال المدير: «إجاباتكم خاطئة. إنها المقبرة!» فبدأ يشرح لهم أن المقابر فيها ملايين الناس ممن قضوا نحبهم وهم ما زالوا يحملون في جعبتهم الكثير من الأفكار الثمينة التي لم تر النور بعد. ولحسن الحظ كان أحد المستمعين بالصدفة المؤلف الأميركي الشاب تود هنري الذي أعجبته الفكرة كثيرا، ثم أطلق كتابه الشهير «مت فارغا» أو Die Empty حيث وضع فيه أفكارا عملية تساعد الفرد على أن يفرغ يوميا ما في جعبته من طاقات وأفكار ومعلومات مفيدة له ولمجتمعه.
والمتأمل لهذه الفكرة يجدها واقعية جدا. فكم من شخص ضليع في العلم أو في التجارب الحياتية فخطف الموت زهرة شبابه قبل يكرمنا بمخزونه الوفير لأنه كان يؤجل عمل اليوم إلى الغد. وفي عالم الأعمال والحياة عموما هناك من يطلق عليهم بالمرشدين أو أصحاب الحكمة أو التجارب العملية (Mentor) الذين يعكفون على تنوير الناس بأفكارهم وتجاربهم. فإذا ما تقاعس هذا الفرد عن دوره حرم غيره من خير كبير.
والأسوأ إذا كان هذا العالم أو الخبير يحارب من قبل مسؤوليه في العمل إما غيرة أو شعورا بالضعف أمامه! ولا يدرون أنهم يرتكبون جريمة بحق هؤلاء ومن سينهل من علمهم. وينسى هؤلاء المسؤولون أو يتناسون أن في كل مؤسسة أعمدة خيمة متينة تقام على أكتافهم نهضة المؤسسة وتقدمها. فإذا ما حاربناهم تراخوا وتراجعوا عن مسيرة العطاء اليومي.
وكثيرا ما أتخيل لو أن كل فرد في العالم قدم اليوم أفضل ما لديه بإتقان لصارت الحياة أجمل وأنظم وأدعى للبهجة والسرور. فمثلا عندما تتعطل مصالحنا في دائرة حكومية أو خاصة، أو نسقط في حفرة، أو يتأخر إقلاع طائرتنا لتسيب في إصلاح عطل فني فستجد أن شخصا ما لم يؤد عمل ذلك اليوم على أكمل وجه.
المصدر: الشرق الأوسط