صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع، أمس، على مشروع قرار لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا دون الرجوع إلى السلطات السورية، وتعيين فريق من المراقبين لمدة 180 يوما لمراقبة تنفيذ القرار، وفي حال عدم امتثال أطراف الصراع لتنفيذ القرار يعود مجلس الأمن للاجتماع للاتفاق على قرارا آخر.
وينص القرار على إدخال مساعدات إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة إلى الأراضي السورية عبر الحدود من تركيا والأردن والعراق من دون الحصول على إذن من السلطات السورية. وينص القرار على «السماح للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها باستخدام طرق عبر خطوط الصراع ونقاط العبور الحدودية لتأمين تقديم المساعدات الإنسانية بما في ذلك المواد الطبية والجراحية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها عبر أقرب الطرق». وستمر القوافل عبر أربع نقاط حدودية، منها اثنتان في تركيا هما باب السلام وباب الهوا، ونقطة في العراق هي اليعربية، ونقطة في الأردن هي الرمثا.
وأعلن لوجين ريشار غاسانا، سفير رواندا الذي تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن، إجماع الدول الـ15 في المجلس، بما فيها روسيا والصين، على تمرير القرار. وأكد مندوبو الدول على أهمية القرار وضرورة تنفيذه واتخاذ خطوات جديدة مع تعيين المندوب الأممي الجديد لسوريا ستيفان دي ميستورا للدفع بحل سياسي ينهي الأزمة. وقال الأمير رعد بن زيد الحسين، سفير الأردن لدى الأمم المتحدة، إن القرار هو «أنجح السبل لضمان تقديم العون». وشدد على أن «مجلس الأمن سيتخذ كل التدابير ضد أي طرف سوري لا يمتثل للقرار». فيما أشار السفير الروسي فيتالي تشوركين إلى «المخاوف من النشاط الإرهابي المتزايد في سوريا»، وضرورة تنفيذ القرار في إطار احترام سلامة وسيادة ووحدة أراضي سوريا، وأن تعمل وكالات الأمم المتحدة بطريقة موضوعية غير منحازة. وطالب السفير الروسي باتخاذ إجراءات في حال عدم تنفيذ القرار «على أساس أدلة دامغة».
وأكدت سامنثا باور، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أهمية القرار في إرساء سلطة وكالات الأمم المتحدة لرصد المساعدات الإنسانية التي تقدم لسوريا والحصول على حق عبور الحدود لتوصيل المساعدات، مشيرة إلى تردي الأوضاع الإنسانية، ومعاناة اللاجئين في دول الحوار واستمرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد في قصف المدنيين داخل سوريا.
وكانت روسيا اعترضت، بدعم من الصين، على أربعة قرارات سابقة تهدد باتخاذ إجراءات ضد الحكومة السورية ونظام الأسد. وناشدت الدول في الأمم المتحدة في أبريل (نيسان) الماضي ضرورة إصدار قرار لتوصيل المساعدات الإنسانية بموجب الفصل السابع لتقديم المساعدات عبر الحدود دون موافقة الحكومة السورية.
وخضع نص القرار، الذي أجيز أمس، لعدة تغييرات وتعديلات من أجل ضمان موافقة كل من روسيا والصين على المشروع، إذ حذفت من مسودته الإشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية في حال عدم التنفيذ. وكان النص الأولي يعطي سلطة لمجلس الأمن باللجوء بموجب الفصل السابع لاستخدام القوة العسكرية أو فرض عقوبات اقتصادية.
وينص القرار بعد التعديل على العودة إلى مجلس الأمن مرة أخرى في حال عدم تطبيق القرار من أجل استصدار قرار جديد بشأن الإجراءات الواجب اتباعها.
وكان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة اعترض على أي عبارات تشير إلى اتخاذ إجراءات ضد الأطراف التي لا تمتثل لقرار تمرير المساعدات أو القرار رقم 2139 الذي أقره مجلس الأمن في فبراير (شباط) الماضي الخاص بتعزيز حرية وصول المساعدات. وفي محاولة لإرضاء روسيا والصين عدلت صياغة القرار لتصبح أن المجلس «يؤكد» – بدلا من «يقرر» – أنه سيتخذ مزيدا من الإجراءات في حالة عدم امتثال أي طرف سوري لهذا القرار.
ولتهدئة المخاوف من استغلال قوافل المساعدات تلك لتهريب أسلحة إلى داخل سوريا، نص القرار على تشكيل بعثة مراقبين تابعين للأمم المتحدة يعملون لمدة ستة أشهر للتأكد من أن القوافل التي تعبر الحدود السورية تحمل بالفعل مساعدات إنسانية. وأشار دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المجلس يدرس اتخاذ إجراءات تشمل عقوبات اقتصادية في حال عدم الامتثال لتطبيق القرار وتوصيل المساعدات الإنسانية دون عوائق. وأعد مشروع القرار كل من أستراليا ولوكسمبورغ والأردن، واستغرقت المفاوضات عدة أسابيع. وأعلن غاري كوينلان، سفير أستراليا لدى الأمم المتحدة، توزيع النسخة النهائية من القرار يوم الجمعة الماضي على أعضاء مجلس الأمن.
المصدر: واشنطن: هبة القدسي – الشرق الأوسط